(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢١)
____________________________________
مجرى التأكيد بالمنفصل أى وأسلم من اتبعنى أو مفعول معه (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أى من اليهود والنصارى وضع الموصول موضع الضمير لرعاية التقابل بين وصفى المتعاطفين (وَالْأُمِّيِّينَ) أى الذين لا كتاب لهم من مشركى العرب (أَأَسْلَمْتُمْ) متبعين لى كما فعل المؤمنون فإنه قد أتاكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه لا محالة فهل أسلمتم وعملتم بقضيتها أو أنتم على كفركم بعد كما يقول من لخص لصاحبه المسألة ولم يدع من طرق التوضيح والبيان مسلكا إلا سلكه فهل فهمتها على منهاج قوله تعالى (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) إثر تفصيل الصوارف عن تعاطى الخمر والميسر وفيه من استقصارهم وتعييرهم بالمعاندة وقلة الإنصاف وتوبيخهم بالبلادة وكلة القريحة ما لا يخفى (فَإِنْ أَسْلَمُوا) أى كما أسلمتم وإنما لم يصرح به كما فى قوله تعالى (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) حسما لباب إطلاق اسم الإسلام على شىء آخر بالكلية (فَقَدِ اهْتَدَوْا) أى فازوا بالحظ الأوفر ونجوا عن مهاوى الضلال (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أى أعرضوا عن الاتباع وقبول الإسلام (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) قائم مقام الجواب أى لم يضروك شيئا إذ ما عليك إلا البلاغ وقد فعلت على أبلغ وجه. روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما قرأ هذه الآية على أهل الكتاب قالوا أسلمنا فقال عليهالسلام لليهود أتشهدون أن عيسى كلمة الله وعبده ورسوله فقالوا معاذ الله وقال عليه الصلاة والسلام للنصارى أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله فقالوا معاذ الله أن يكون عيسى عبدا وذلك قوله عزوجل وإن تولوا (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) عالم بجميع أحوالهم وهو تذييل فيه وعد ووعيد (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) أى آية كانت فيدخل فيهم الكافرون بالآيات الناطقة بحقية الإسلام على الوجه الذى مر تفصيله دخولا أوليا (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) هم أهل الكتاب قتل أولوهم الأنبياء عليهمالسلام وقتلوا أتباعهم وهم راضون بما فعلوا وكانوا قاتلهم الله تعالى حائمين حول قتل النبى صلىاللهعليهوسلم لو لا أن عصم الله تعالى ساحته المنيعة وقد أشير إليه بصيغة الاستقبال وقرىء بالتشديد للتكثير والتقييد بغير حق للإيذان بأنه كان عندهم أيضا بغير حق (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) أى بالعدل ولعل تكرير الفعل للإشعار بما بين القتلين من التفاوت أو باختلافهما فى الوقت عن أبى عبيدة بن الجراح قلت يا رسول الله أى الناس أشد عذابا يوم القيامة قال رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر ثم قرأها ثم قال يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار فى ساعة واحدة فقام مائة واثنا عشر رجلا من عباد بنى إسرائيل فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار وقرىء ويقاتلون الذين (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) خبر إن والفاء لتضمن اسمها معنى الشرط فإنها بالنسخ لا تغير معنى الابتداء بل تزيده تأكيدا وكذا الحال فى النسخ بأن المفتوحة كما فى قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) وكذا النسخ بلكن كما فى قوله[فو الله ما فارقتكم عن ملالة ولكن ما يقضى فسوف يكون] وإنما يتغير معنى الابتداء