(أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٦٤)
____________________________________
من القبائح وهو عطف على أصابتهم والمراد تفظيع حالهم وتهويل ما دهمهم من الخطب واعتراهم من شدة الأمر عند إصابة المصيبة وعند المجىء للاعتذار (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) حال من فاعل جاءوك (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً) أى ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك إلا الفصل بالوجه الحسن والتوفيق بين الخصمين ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك فلا تؤاخذنا بما فعلنا وهذا وعيد لهم على ما فعلوا وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم ولا يغنى عنهم الاعتذار وقيل جاء أولياء المنافق يطلبون بدمه وقد أهدره الله تعالى فقالوا ما أردنا أى ما أراد صاحبنا المقتول بالتحاكم إلى عمر رضى الله تعالى عنه إلا أن يحسن إليه ويوفق بينه وبين خصمه (أُولئِكَ) إشارة إلى المنافقين وما فيه من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلتهم فى الكفر والنفاق وهو مبتدأ خبره (الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) أى من فنون الشرور والفسادات المنافية لما أظهروا لك من الأكاذيب (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) جواب شرط محذوف أى إذا كان حالهم كذلك فأعرض عن قبول معذرتهم وقيل عن عقابهم لمصلحة فى استبقائهم ولا تظهر لهم علمك بما فى بواطنهم ولا تهتك سترهم حتى يبقوا على وجل وحذر (وَعِظْهُمْ) أى ازجرهم عن النفاق والكيد (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ) فى حق أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المنطوية على الشرور التى يعلمها الله تعالى أو فى أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم مسارا بالنصيحة لأنها فى السر انجع (قَوْلاً بَلِيغاً) مؤثرا واصلا إلى كنه المراد مطابقا لما سيق له من المقصود فالظرف على التقديرين متعلق بالأمر وقيل متعلق ببليغا على رأى من يجيز تقديم معمول الصفة على الموصوف أى قل لهم قولا بليغا فى أنفسهم مؤثرا فى قلوبهم يغتمون به اغتماما ويستشعرون منه الخوف استشعارا وهو التوعد بالقتل والاستئصال والإيذان بأن ما فى قلوبهم من مكنونات الشر والنفاق غير خاف على الله تعالى وأن ذلك مستوجب لأشد العقوبات وإنما هذه المكافأة والتأخير لإظهارهم الإيمان والطاعة وإضمارهم الكفر ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق ليمسنهم العذاب إن الله شديد العقاب (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) كلام مبتدأ جىء به تمهيدا لبيان خطئهم فى الاشتغال بستر جنايتهم بالاعتذار بالأباطيل وعدم تلافيها بالتوبة أى وما أرسلنا رسولا من الرسل لشىء من الأشياء إلا ليطاع بسبب إذنه تعالى فى طاعته وأمره المرسل إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه لأنه مؤد عنه تعالى فطاعته طاعة الله تعالى ومعصيته معصيته تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله أو بتيسير الله تعالى وتوفيقه فى طاعته (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) وعرضوها لعذاب على عذاب النفاق بترك طاعتك والتحاكم إلى غيرك (جاؤُكَ) من غير تأخير كما يفصح عنه تقديم الظرف متوسلين بك فى التنصل عن جنايتهم القديمة والحادثة ولم يزدادوا جناية على جناية بالقصد إلى سترها