(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧٣)
____________________________________
تعالى لا من غيره أو الفضل خبره ومن الله متعلق بمحذوف وقع حالا منه والعامل فيه معنى الإشارة أى ذلك الذى ذكر الفضل كائنا من الله تعالى لا أن أعمال المكلفين توجبه (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) بجزاء من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق أهله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) الحذر والحذر واحد كالأثر والإثر والشبه والشبه اى تيقظوا واحترزوا من العدو ولا تمكنوه من أنفسكم يقال أخذ حذره إذا تيقظ واحترز من المخوف كأنه جعل الحذر آلته التى بقى بها نفسه وقيل هو ما يحذر به من السلاح والحزم أى استعدوا للعدو (فَانْفِرُوا) بكسر الفاء وقرىء بضمها أى اخرجوا إلى الجهاد عند خروجكم (ثُباتٍ) جمع ثبة وهى الجماعة من الرجال فوق العشرة ووزنها فى الأصل فعلة كحطمة حذفت لامها وعوض عنها تاء التأنيث وهل هى واو أو ياء فيه قولان قيل إنها مشتقة من ثبا يثبو كحلا يحلو أى اجتمع وقيل من ثبيت على الرجل إذا أثنيت عليه كأنك جمعت محاسنه ويجمع أيضا على ثبين جبرا لما حذف من عجزه ومحلها النصب على الحالية أى انفروا جماعات متفرقة سرية بعد سرية (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) أى مجتمعين كوكبة واحدة ولا تتخاذلوا فتلقوا بأنفسكم إلى التهلكة (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) أى ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد من بطأ بمعنى أبطأ كعتم بمعنى أعتم والخطاب لعسكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلهم المؤمنين منهم والمنافقين والمبطئون منافقوهم الذين تثاقلوا وتخلفوا عن الجهاد أو ليبطئن غيره ويثبطنه من بطأ منقولا من بطؤ كثقل من ثقل كما بطأ ابن أبى ناسا يوم أحد والأول أنسب لما بعده واللام الأولى للابتداء دخلت على اسم إن للفصل بالخبر والثانية جواب قسم محذوف والقسم بجوابه صلة من والراجع إليه ما استكن فى ليبطئن والتقدير وإن منكم لمن أقسم بالله ليبطئن (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) كقتل وهزيمة (قالَ) أى المبطئ فرحا بصنعه وحامدا لرأيه (قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ) أى بالقعود (إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) أى حاضرا فى المعركة فيصيبنى ما أصابهم والفاء فى الشرطية لترتيب مضمونها على ما قبلها فإن ذكر التبطئة مستتبع لذكر ما يترتب عليها كما أن نفس التبطئة مستدعيه لشىء ينتظر المبطئ وقوعه (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ) كفتح وغنيمة (مِنَ اللهِ) متعلق بأصابكم أو بمحذوف وقع صفة لفضل أى فضل كائن من الله تعالى ونسبة إصابة الفضل إلى جناب الله تعالى دون إصابة المصيبة من العادات الشريفة التنزيلية كما فى قوله سبحانه وإذا مرضت فهو يشفين وتقديم الشرطية الأولى لما أن مضمونها لمقصدهم أوفق وأثر نفاقهم فيها أظهر (لَيَقُولَنَّ) ندامة على تثبطه وقعوده وتهالكا على حطام الدنيا وتحسرا على فواته وقرىء ليقولن بضم اللام إعادة للضمير إلى معنى من وقوله تعالى (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ