فصيحة أى إذا كان الأمر كذلك فاطلبوا بيان هذا الأمر البين وقيسوا حاله بحالكم وافعلوا به ما فعل بكم فى أوائل أموركم من قبول ظاهر الحال من غير وقوف على تواطؤ الظاهر والباطن هذا هو الذى تقتضيه جزالة التنزيل وتستدعيه فخامة شأنه الجليل ومن حسب أن المعنى أول ما دخلتم فى الإسلام سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة فحصنت دماءكم وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم فمن الله عليكم بالاستقامة والاشتهار بالإيمان والتقدم فيه وإن صرتم أعلا ما فيه فعليكم أن تفعلوا بالداخلين فى الإسلام كما فعل بكم وأن تعتبروا ظاهر الإسلام فى المكافة ولا تقولوا الخ فقد أبعد عن الحق لأن المراد كما عرفت بيان أن تحصين الدماء والأموال حكم مترتب على ما فيه المماثلة بينه وبينهم من مجرد التفوه بكلمة الشهادة وإظهار أن ترتبه عليه فى حقهم يقتضى ترتبه عليه فى حقه أيضا إلزاما لهم وإظهارا لخطئهم ولا يخفى أن ذلك إنما يتأتى بتفسير منه تعالى عليهم المترتب على كونهم مثله بتحصين دمائهم وأموالهم حسبما ذكر حتى يظهر عندهم وجوب تحصين دمه وماله أيضا بحكم المشاركه فيما يوجبه وحيث لم يفعل ذلك بل فسره بما فسره به لم يبق فى النظم الكريم ما يدل على ترتب تحصين دمائهم وأموالهم على ما ذكر فمن أين له أن يقول فحصنت دماءكم وأموالكم حتى يتأتى البيان وارتكاب تقديره بناء على اقتضاء ما ذكر فى تفسير المن إياه بناء على أساس واه كيف لا وإنما ذكره بصدد التفسير وإن كان أمرا متفرعا على ما فيه المماثلة مبنيا عليه فى حقهم لكنه ليس بحكم أريد إثباته فى حقه بناء على ثبوته فى حقهم كالتحصين المذكور حتى يستحق أن يتعرض له ولا بأمر له دخل فى وجوب اعتبار ظاهر الإسلام من الداخلين فيه حتى يصح نظمه فى سلك ما فرع عليه قوله فعليكم أن تفعلوا الخ وحمل الكلام على معنى إنكم فى أول الأمر كنتم مثله فى قصور الرتبة فى الإسلام فمن الله عليكم وبلغتم هذه الرتبة العالية منه فلا تستقصروا حالته نظرا إلى حالتكم هذه بل اعتدوا بها نظرا إلى حالتكم السابقة يرده أن قتله لم يكن لاستقصار إسلامه بل لتوهم عدم مطابقة قلبه للسانه فإن الآية الكريمة نزلت فى شأن مرداس ابن نهيك من أهل فدك وكان قد أسلم ولم يسلم من قومه غيره فغزتهم سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عليهم غالب ابن فضالة الليثى فهربوا وبقى مرداس لثقته بإسلامه فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد فلما تلاحقوا وكبروا كبر وقال لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوجد وجدا شديدا وقال قتلتموه إرادة ما معه فقال أسامة إنه قال بلسانه دون قلبه وفى رواية إنما قالها خوفا من السلاح فقال صلىاللهعليهوسلم هلا شققت عن قلبه وفى رواية أفلا شققت عن قلبه ثم قرأ الآية على أسامة فقال يا رسول الله استغفر لى فقال كيف بلا إله إلا الله قال أسامة فما زال صلىاللهعليهوسلم يعيدها حتى وددت أن لم أكن أسلمت إلا يومئذ ثم استغفرلى وقال اعتق رقبة وقيل نزلت فى رجل قال يا رسول الله كنا نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى فقصدت رجلا فلما أحس بالسيف قال إنى مسلم فقتلته فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقتلت مسلما قال إنه كان متعوذا فقال صلىاللهعليهوسلم أفلا شققت عن قلبه (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ) من الأعمال الظاهرة والخفية وبكيفياتها (خَبِيراً) فيجازيكم بحسبها إن خيرا فحير وإن شرا فشر فلا تتهاونوا فى القتل واحتاطوا فيه والجملة تعليل لما قبلها بطريق الاستئناف وقرىء بفتح