(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (١١٢)
الاستخفاء منه سوى ترك ما يستقبحه ويؤاخذ به (إِذْ يُبَيِّتُونَ) يدبرون ويزورون (ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) من رمى البرىء والحلف الكاذب وشهادة الزور (وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ) من الأعمال الظاهرة والخافية (مُحِيطاً) لا يعزب عنه شىء منها ولا يفوت (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) تلوين للخطاب وتوجيه له إليهم بطريق الالتفات إيذانا بأن تعديد جنايتهم يوجب مشافهتهم بالتوبيخ والتقريع والجملة مبتدأ وخبر وقوله تعالى (جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) جملة مبينة لوقوع أولاء خبرا ويجوز أن يكون أولاء اسما موصولا بمعنى الذين وجادلتم الخ صلة له والمجادلة أشد المخاصمة والمعنى هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وأمثاله فى الدنيا (فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فمن يخاصم عنهم يومئذ عند تعذيهم وعقابهم (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) حافظا ومحاميا من بأس الله تعالى وانتقامه (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً) قبيحا يسوء به غيره كما فعل طعمة بقتادة واليهودى (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) بما يختص به كالحلف الكاذب وقيل السوء ما دون الشرك والظلم الشرك وقيل هما الصغيرة والكبيرة (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) بالتوبة الصادفة (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً) لذنوبه كائنة ما كانت (رَحِيماً) متفضلا عليه وفيه مزيد ترغيب لطعمة وقومه فى التوبة والاستغفار لما أن مشاهدة التائب لآثار المغفرة والرحمة نعمة زائدة كما مر (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) من الآثام (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) حيث لا يتعدى ضرره ووباله إلى غيره فليحترز عن تعريضها للعقاب والعذاب عاجلا وآجلا (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) مبالغا فى العلم (حَكِيماً) مراعيا للحكمة فى كل ما قدر وقضى ولذلك لا يحمل وازرة وزر أخرى (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) صغيرة أو ما لا عمد فيه من الذنوب وقرىء ومن يكسب بكسر الكاف وتشديد السين وأصله يكتسب (أَوْ إِثْماً) كبيرة أو ما كان عن عمد (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ) أى يقذف به ويسنده وتوحيد الضمير مع تعدد المرجع لمكان أو وتذكيره لتغليب الإثم على الخطيئة كأنه قيل ثم يرم بأحدهما وقرىء يرم بهما وقيل الضمير للكسب المدلول عليه بقوله تعالى (يَكْسِبْ) وثم للتراخى فى الرتبة (بَرِيئاً) أى مما رماه به ليحمله عقوبته العاجلة كما فعله طعمة بزيد (فَقَدِ احْتَمَلَ) أى بما فعل من تحميل جريرته على البرىء (بُهْتاناً) وهو الكذب على الغير بما يبهت منه ويتحير عند سماعه لفظاعته وهو له وقيل هو الكذب الذى يتحير فى عظمه (وَإِثْماً مُبِيناً) أى بينا فاحشا وهو صفة لإثما وقد اكتفى فى بيان عظم البهتان بالتنكير التفخيمى