(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً (١٢٢) لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٢٣)
____________________________________
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) مبتدأ خبره قوله تعالى (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) قرن وعيد الكفرة بوعد المؤمنين زيادة لمسرة هؤلاء ومساءة أولئك (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أى وعده وعدا وحق ذلك حقا فالأول مؤكد لنفسه لأن مضمون الجملة الاسمية وعدو الثانى مؤكد لغيره ويجوز أن ينتصب الموصول بمضمر يفسره ما بعده وينتصب (وَعْدَ اللهِ) بقوله تعالى (سَنُدْخِلُهُمْ) لأنه فى معنى نعدهم إدخال جنات الخ وحقا على أنه حال من المصدر (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) جملة مؤكدة بليغة والمقصود من الآية معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه بوعد الله الصادق لأوليائه والمبالغة فى تأكيده ترغيبا للعباد فى تحصيله والقيل مصدر كالقول والقال وقال ابن السكيت القيل والقال اسمان لا مصدران ونصبه على التمييز وقرىء بإشمام الصاد وكذا كل صاد ساكنة بعدها دال (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) أى ليس ما وعد الله تعالى من الثواب يحصل بأمانيكم أيها المسلمون ولا بأمانى أهل الكتاب وإنما يحصل بالإيمان والعمل الصالح ولعل نظم أمانى أهل الكتاب فى سلك أمانى المسلمين مع ظهور حالها للإيذان بعدم إجداء أمانى المسلمين أصلا كما فى قوله تعالى (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) كما سلف وعن الحسن ليس الإيمان بالتمنى ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل إن قوما ألهتهم أمانى المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن به لأحسنوا العمل وقيل إن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله تعالى منكم فقال المسلمون نحن أولى منكم نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضى على الكتب المتقدمة فنزلت وقيل الخطاب للمشركين ويؤيده تقدم ذكرهم أى ليس الأمر بأمانى المشركين وهو قولهم لا جنة ولا نار وقولهم إن كان الأمر كما يزعم هؤلاء لنكونن خيرا منهم وأحسن حالا وقولهم لأوتين مالا وولدا ولا أمانى أهل الكتاب وهو قولهم لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ثم قرر ذلك بقوله تعالى (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) عاجلا أو آجلا لما روى أنه لما نزلت قال أبو بكر رضى الله تعالى عنه فمن ينجو مع هذا يا رسول الله فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أما تحزن أو تمرض أو يصيبك البلاء قال بلى يا رسول الله قال هو ذاك (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) أى مجاوزا لموالاة الله ونصرته (وَلِيًّا) يواليه (وَلا نَصِيراً) ينصره فى دفع العذاب عنه.