(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢٠) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) (١٢١)
____________________________________
يفعل فعلا اختياريا وذلك ينافى الألوهية غاية المنافاة ثم استدل عليه بأن ذلك عبادة للشيطان وهو أفظع الضلال من وجوه ثلاثة الأول أنه منهمك فى الغى لا يكاد يعلق بشىء من الخير والهدى فتكون طاعته ضلالا بعيدا عن الحق والثانى أنه ملعون لضلاله فلا تستتبع مطاوعته سوى اللعن والضلال والثالث أنه فى غاية السعى فى إهلاكهم وإضلالهم فموالاة من هذا شأنه غابة الضلال فضلا عن عبادته والمفروض المقطوع أى نصيبا قدر لى وفرض من قولهم فرض له فى العطاء (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) الأمانى الباطلة كطول الحياة وأن لا بعث ولا عقاب ونحو ذلك (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) أى فليقطعنها بموجب أمرى ويشقنها من غير تلعثم فى ذلك ولا تأخير وذلك ما كانت العرب تفعله بالبحائر والسوائب (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ) ممتثلين به (خَلْقَ اللهِ) عن نهجه صورة أو صفة وينتظم فيه ما قيل من فقء عين الحامى وخصاء العبيد والوشم والوشر ونحو ذلك وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا فى البهائم لمكان الحاجة وهذه الجمل المحكية عن اللعين مما نطق به لسانه مقالا أو حالا وما فيها من اللامات كلها للقسم والمأمور به فى الموضعين محذوف ثقة بدلالة النظم عليه (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ) بإيثار ما يدعوا إليه على ما أمر الله تعالى به ومجاوزته عن طاعة الله تعالى إلى طاعته (فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) لأنه ضيع رأس ماله بالكلية واستبدل بمكانه من الجنة مكانه من النار (يَعِدُهُمْ) أى ما لا يكاد ينجزه (وَيُمَنِّيهِمْ) أى الأمانى الفارغة أو يفعل لهم الوعد والتمنية على طريقة فلان يعطى ويمنع والضميران لمن والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فى يتخذ وخسر باعتبار لفظها (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر وهذا الوعد إما بإلقاء الخواطر الفاسدة أو بألسنة أوليائه وغرورا إما مفعول ثان للوعد أو مفعول لأجله أو نعت لمصدر محذوف أى وعدا ذا غرور أو مصدر على غير لفظ المصدر لأن يعدهم فى قوة يغرهم بوعده والجملة اعتراض وعدم التعرض للتمنية لأنها باب من الوعد (أُولئِكَ) إشارة إلى أولياء الشيطان وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلتهم فى الخسران وهو مبتدأ وقوله تعالى (مَأْواهُمْ) مبتدأ ثان وقوله تعالى (جَهَنَّمُ) خبر للثانى والجملة خبر للأول (وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) أى معدلا ومهربا من حاص الحمار إذا عدل وقيل خلص ونجا وقيل الحيص هو الروغان بنفور وعنها متعلق بمحذوف وقع حالا من محيصا أى كائنا عنها ولا مساغ لتعلقه بمحيصا أما إذا كان اسم مكان فظاهر وأما إذا كان مصدرا فلأنه لا يعمل فيما قبله.