(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٥١)
____________________________________
ظُلِمَ) أى إلا جهر من ظلم بأن يدعو على ظالمه أو يتظلم منه ويذكره بما فيه من السوء فإن ذلك غير مسخوط عنده سبحانه وقيل هو أن يبدأ بالشتيمة فيرد على الشاتم ولمن انتصر بعد ظلمه الآية وقيل ضاف رجلا قوما فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب على الشكاية فنزلت وقرىء إلا من ظلم على البناء للفاعل فالاستثناء منقطع أى ولكن الظالم يرتكب ما لا يحبه الله تعالى فيجهر بالسوء (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) لجميع المسموعات فيندرج فيها كلام المظلوم والظالم (عَلِيماً) بجميع المعلومات التى من جملتها حال المظلوم والظالم فالجملة تذييل مقرر لما يفيده الاستثناء (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً) أى خير كان من الأقوال والأفعال (أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) مع ما سوغ لكم من مؤاخذة المسىء والتنصيص عليه مع اندراجه فى إبداء الخير وإخفائه لما أنه الحقيق بالبيان وإنما ذكر إبداء الخير وإخفاؤه بطريق التسبيب له كما ينبئ عنه قوله عزوجل (فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) فإن إيراده فى معرض جواب الشرط يدل على أن العمدة هو العفو مع القدرة أى كان مبالغا فى العفو مع كمال قدرته على المؤاخذة وقال الحسن يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم أن تقتدوا بسنة الله تعالى وقال الكلبى هو أقدر على عفو ذنوبكم منكم على عفو ذنوب من ظلمكم وقيل عفوا عمن عفا قديرا على إيصال الثواب إليه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ) أى يؤدى إليه مذهبهم ويقتضيه رأيهم لا أنهم يصرحون بذلك كما ينبئ عنه قوله تعالى (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) أى بأن يؤمنوا به تعالى ويكفروا بهم لكن لا بأن يصرحوا بالإيمان به تعالى وبالكفر بهم قاطبة بل بطريق الاستلزام كما يحكيه قوله تعالى (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) أى نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضهم كما قالت اليهود نؤمن بموسى والتوراة وعزير ونكفر بما وراء ذلك وما ذاك إلا كفر بالله تعالى ورسله وتفريق بين الله تعالى ورسله فى الإيمان لأنه تعالى قد أمرهم بالإيمان بجميع الأنبياء عليهمالسلام وما من نبى من الأنبياء إلا وقد أخبر قومه بحقية دين نبينا صلىاللهعليهوسلم وعليهم أجمعين فمن كفر بواحد منهم فقد كفر بالكل وبالله تعالى أيضا من حيث لا يحتسب (وَيُرِيدُونَ) بقولهم ذلك (أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ) أى بين الإيمان والكفر (سَبِيلاً) يسلكونه مع أنه لا واسطة بينهما قطعا إذ الحق لا يختلف وماذا بعد الحق إلا الضلال (أُولئِكَ) الموصوفون بالصفات القبيحة (هُمُ الْكافِرُونَ) الكاملون فى الكفر لا عبرة بما يدعونه ويسمونه إيمانا أصلا (حَقًّا) مصدر مؤكد لمضمون الجملة أى حق ذلك أى كونهم كاملين فى الكفر حقا أو صفة لمصدر الكافرين أى هم الذين كفروا كفرا حقا أى