(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٥٢) يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) (١٥٣)
____________________________________
ثابتا يقينا لا ريب فيه (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) أى لهم وإنما وضع المظهر مكان المضمر ذما لهم وتذكيرا لوصفهم أو لجميع الكافرين وهم داخلون فى زمرتهم دخولا أوليا (عَذاباً مُهِيناً) سيذوقونه عند حلوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) أى على الوجه الذى بين فى تفسير قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الآية (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا بآخرين كما فعله الكفرة ودخول بين على أحد قد مر تحقيقه فى سورة البقرة بما لا مزيد عليه (أُولئِكَ) المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة (سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) الموعودة لهم وتصديره بسوف لتأكيد الوعد والدلالة على أنه كائن لا محالة وإن تراخى وقرىء نؤتيهم بنون العظمة (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما فرط منهم (رَحِيماً) مبالغا فى الرحمة عليهم بتضعيف حسناتهم (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) نزلت فى أحبار اليهود حين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إن كنت نبيا فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى عليه الصلاة والسلام وقيل كتابا محررا بخط سماوى على اللوح كما نزلت التوراة أو كتابا نعاينه حين ينزل أو كتابا إلينا بأعياننا بأنك رسول الله وما كان مقصدهم بهذه العظيمة إلا التحكم والتعنت قال الحسن ولو سألوه لكى يتبينوا الحق لأعطاهم وفيما آتاهم كفاية (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ) جواب شرط مقدر أى إن استكبرت ما سألوه منك فقد سألوا موسى شيئا أكبر منه وقيل تعليل للجواب أى فلا تبال بسؤالهم فقد سألوا موسى أكبر منه وهذه المسألة وإن صدرت عن أسلافهم لكنهم لما كانوا مقتدين بهم فى كل ما يأتون وما يذرون أسندت إليهم والمعنى أن لهم فى ذلك عرقا راسخا وأن ما اقترحوا عليك ليس أول جهالاتهم (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) أى أرناه نره جهرة أى عيانا أو مجاهرين معاينين له والفاء تفسيرية (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) أى النار التى جاءت من السماء فأهلكتهم وقرىء الصعقة (بِظُلْمِهِمْ) أى بسبب ظلمهم وهو تعنتهم وسؤالهم لما يستحيل فى تلك الحالة التى كانوا عليها وذلك لا يقتضى امتناع الرؤية مطلقا (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) أى المعجزات التى أظهرها لفرعون من العصا واليد البيضاء وفلق البحر وغيرها لا التوراة لأنها لم تنزل عليهم بعد (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) ولم نستأصلهم وكانوا أحقاء به قيل هذا استدعاء لهم إلى التوبة كأنه قيل إن أولئك الذين أجرموا تابوا فعفونا عنهم فتوبوا أنتم أيضا حتى نعفو عنكم (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) سلطانا ظاهرا عليهم حيث أمرهم بأن يقتلوا