(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) (١٥٧)
____________________________________
بسبب كفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه أو إلا إيمانا قليلا لا يعبأ به (وَبِكُفْرِهِمْ) أى بعيسى عليهالسلام وهو عطف على قولهم وإعادة الجار لطول ما بينهما بالاستطراد وقد جوز عطفه على بكفرهم فيكون هو وما عطف عليه من أسباب الطبع وقيل هذا المجموع معطوف على مجموع ما قبله وتكرير ذكر الكفر للإيذان بتكرر كفرهم حيث كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد عليهم الصلاة والسلام (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) لا يقادر قدره حيث نسبوها إلى ما هى عنه بألف منزل (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) نظم قولهم هذا فى سلك سائر جناياتهم التى نعيت عليهم ليس لمجرد كونه كذبا بل لتضمنه لابتهاجهم بقتل النبى عليهالسلام والاستهزاء به فإن وصفهم له بعنوان الرسالة إنما هو بطريق التهكم به عليهالسلام كما فى قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) الخ ولإنبائه عن ذكرهم له عليهالسلام بالوجه القبيح على ما قيل من أن ذلك وضع للذكر الجميل من جهته تعالى مكان ذكرهم القبيح وقيل هو نعت له عليهالسلام من جهته تعالى مدحا له ورفعا لمحله عليهالسلام وإظهارا لغاية جراءتهم فى تصديهم لقتله ونهاية وقاحتهم فى افتخارهم بذلك (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ) حال أو اعتراض (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) روى أن رهطا من اليهود سبوه عليهالسلام وأمه فدعا عليهم فمسخهم الله تعالى قردة وخنازير فأجمعت اليهود على قتله فأخبره الله تعالى بأنه يرفعه إلى السماء فقال لأصحابه أيكم يرضى بأن يلقى عليه شبهى فيقتل ويصلب ويدخل الجنة فقال رجل منهم أنا فألقى الله تعالى عليه شبهه فقتل وصلب وقيل كان رجل ينافق عيسى عليهالسلام فلما أرادوا قتله قال أنا أدلكم عليه فدخل بيت عيسىعليهالسلام فرفع عيسى عليهالسلام وألقى شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى عليهالسلام وقيل إن طيطانوس اليهودى دخل بيتا كان هو فيه فلم يجده وألقى الله تعالى عليه شبهه فلما خرج ظن أنه عيسى عليهالسلام فأخذ وقتل وأمثال هذه الخوارق لا تستبعد فى عصر النبوة وقيل إن اليهود لما هموا بقتله عليهالسلام فرفعه الله تعالى إلى السماء خاف رؤساء اليهود من وقوع الفتنة بين عوامهم فأخذوا إنسانا وقتلوه وصلبوه ولبسوا على الناس وأظهروا لهم أنه هو المسيح وما كانوا يعرفونه إلا بالاسم لعدم مخالطته عليهالسلام لهم إلا قليلا وشبه مسندا إلى الجار والمجرور كأنه قيل ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسى عليهالسلام والمقتول أو فى الأمر على قول من قال لم يقتل أحد ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس أو إلى ضمير المقتول لدلالة إنا قتلنا على أن ثم مقتولا (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أى فى شأن عيسى عليهالسلام فإنه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس فقال بعض اليهود إنه كان كاذبا فقتلناه حتما وتردد آخرون فقال بعضهم إن كان هذا عيسى