(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩)
____________________________________
فأين صاحبنا وقال بعضهم الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا وقال من سمع منه عليهالسلام إن الله يرفعنى إلى السماء إنه رفع إلى السماء وقال قوم صلب الناسوت وصعد اللاهوت (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) لفى تردد والشك كما يطلق على ما لم يترجح أحد طرفيه يطلق على مطلق التردد وعلى ما يقابل العلم ولذلك أكد بقوله تعالى (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) استثناء منقطع أى لكنهم يتبعون الظن ويجوز أن يفسر الشك بالجهل والعلم بالاعتقاد الذى تسكن إليه النفس جزما كان أو غيره فالاستثناء حينئذ متصل (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) أى قتلا يقينا كما زعموا بقولهم إنا قتلنا المسيح وقيل معناه وما علموه يقينا كما فى قول من قال [كذاك تخبر عنها العالمات بها وقد قتلت بعلمى ذلكم يقنا] من قولهم قتلت الشىء علما ونحرته علما إذا تبالغ علمك فيه وفيه تهكم بهم لإشعاره بعلمهم فى الجملة وقد نفى ذلك عنهم بالكلية (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) رد وإنكار لقتله وإثبات لرفعه (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) لا يغالب فيما يريده (حَكِيماً) فى جميع أفعاله فيدخل فيها تدبيراته تعالى فى أمر عيسى عليهالسلام دخولا أوليا (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أى من اليهود والنصارى وقوله تعالى (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) جملة قسمية وقعت صفة لموصوف محذوف إليه يرجع الضمير الثانى والأول لعيسى عليهالسلام أى وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى عليهالسلام قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ولات حين إيمان لانقطاع وقت التكليف ويعضده أنه قرىء ليؤمنن به قبل موتهم بضم النون لما أن أحدا فى معنى الجمع وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه فسره كذلك فقال له عكرمة فإن أتاه رجل فضرب عنقه قال لا تخرج نفسه حتى يحرك بها شفتيه قال فإن خر من فوق بيت أو احترق أو أكله سبع قال يتكلم بها فى الهواء ولا تخرج روحه حتى يؤمن به وعن شهر بن حوشب قال لى الحجاج آية ما قرأتها إلا تخالج فى نفسى شىء منها يعنى هذه الآية وقال إنى أوتى بالأسير من اليهود والنصارى فأضرب عنقه فلا أسمع منه ذلك فقلت إن اليهودى إذا حضره الموت ضربت الملائكة دبره ووجهه وقالوا يا عدو الله أتاك عيسى عليهالسلام نبيا فكذبت به فيقول آمنت أنه عبد نبى وتقول للنصرانى أتاك عيسى عليهالسلام نبيا فزعمت أنه الله أو ابن الله فيؤمن أنه عبد الله ورسوله حيث لا ينفعه إيمانه قال وكان متكئا فاستوى جالسا فنظر إلى وقال ممن سمعت هذا قلت حدثنى محمد بن على بن الحنفية فأخذ ينكث الأرض بقضيبه ثم قال لقد أخذتها من عين صافية والإخبار بحالهم هذه وعيد لهم وتحريض على المسارعة إلى الإيمان به قبل أن يضطروا إليه مع انتفاء جدواه وقيل كلا الضميرين لعيسى والمعنى وما من أهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى عليهالسلام أحد إلا ليؤمنن به قبل موته. روى أنه عليهالسلام ينزل من السماء فى آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا يؤمن به حتى تكون الملة واحدة وهى ملة الإسلام ويهلك الله فى زمانه الدجال وتقع الأمنة