(ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣٤)
____________________________________
أنفسهم أو غيرهم من الملائكة والنبيين وأن أممهم قاطبة مأمورون بالإيمان بمن جاءهم من رسول مصدق لما معهم تحقيقا لوجوب الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوسلم وكتابه المصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل وتحتم الطاعة له حسبما سيأتى تفصيله وتخصيص آدم عليه الصلاة والسلام بالذكر لأنه أبو البشر ومنشأ النبوة وكذا حال نوح عليهالسلام فإنه آدم الثانى وأما ذكر آل إبراهيم فلترغيب المعترفين باصطفائهم فى الإيمان بنبوة النبى صلىاللهعليهوسلم واستمالتهم نحو الاعتراف باصطفائه بواسطة كونه من زمرتهم مع ما مر من التنبيه على كونه عليه الصلاة والسلام عريقا فى النبوة من زمرة المصطفين الأخيار وأما ذكر آل عمران مع اندراجهم فى آل إبراهيم فلإظهار مزيد الاعتناء بتحقيق أمر عيسى عليه الصلاة والسلام لكمال رسوخ الخلاف فى شأنه فإن نسبة الاصطفاء إلى الأب الأقرب أدل على تحققه فى الآل وهو الداعى إلى إضافة الآل إلى إبراهيم دون نوح وآدم عليهم الصلاة والسلام والاصطفاء أخذ ما صفا من الشىء كالاستصفاء مثل به اختياره تعالى إياهم النفوس القدسية وما يليق بها من الملكات الروحانية والكمالات الجسمانية المستتبعة للرسالة فى نفس المصطفى كما فى كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام أو فيمن يلابسه وينشأ منه كما فى مريم وقيل اصطفى آدم عليه الصلاة والسلام بأن خلقه بيده فى أحسن تقويم وبتعليم الأسماء وإسجاد الملائكة إياه وإسكان الجنة واصطفى نوحا عليه الصلاة والسلام بكونه أول من نسخ الشرائع إذ لم يكن قبل ذلك تزويج المحارم حراما وبإطالة عمره وجعل ذريته هم الباقين واستجابة دعوته فى حق الكفرة والمؤمنين وحمله على متن الماء والمراد بآل إبراهيم إسمعيل وإسحق والأنبياء من أولادهما الذين من جملتهم النبىصلىاللهعليهوسلم وأما اصطفاء نفسه عليه الصلاة والسلام فمفهوم من اصطفائهم بطريق الأولوية وعدم التصريح به للإيذان بالغنى عنه لكمال شهرة أمره فى الخلة وكونه إمام الأنبياء وقدوة الرسل عليهم الصلاة والسلام وكون اصطفاء آله بدعوته بقوله (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) الآية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام أنا دعوة أبى إبراهيم. وبآل عمران عيسى وأمه مريم ابنة عمران بن ماثان بن عازار بن أبى بور بن رب بابل بن ساليان بن يوحنا بن يوشيا بن أمون بن منشا بن حزقيا بن أحز بن يوثم بن عزيا هو بن يهورام بن يهو شافاط بن أسا بن رحبعم بن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ابن بيشا بن عوفيذ بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عمينوذب بن رم بن حصرون بن بارص بن يهوذا بن يعقوب عليه الصلاة والسلام وقيل موسى وهرون عليهما الصلاة والسلام ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب عليه الصلاة والسلام وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة فيكون اصطفاء عيسى عليه الصلاة والسلام حينئذ بالاندارج فى آل إبراهيم عليهالسلام والأول هو الأظهر بدليل تعقيبه بقصة مريم واصطفاء موسى وهرون عليهما الصلاة والسلام بالانتظام فى سلك آل إبراهيم عليهالسلام انتظاما ظاهرا والمراد بالعالمين أهل زمان كل واحد منهم أى اصطفى كل واحد منهم على عالمى زمانه (ذُرِّيَّةً) نصب على البدلية من الآلين أو على الحالية منهما وقد مر بيان اشتقاقها فى قوله تعالى (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) وقوله