(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٤٩)
____________________________________
البتة وقيل الأمر ومنه قوله تعالى (وَقَضى رَبُّكَ (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ) لا غير (فَيَكُونُ) من غير ريث وهو كما ترى تمثيل لكمال قدرته تعالى وسهولة تأتى المقدورات حسبما تقتضيه مشيئته وتصوير لسرعة حدوثها بما هو علم فيها من طاعة المأمور المطيع للآمر القوى المطاع وبيان لأنه تعالى كما يقدر على خلق الأشياء مدرجا بأسباب ومواد معتادة يقدر على خلقها دفعة من غير حاجة إلى شىء من الأسباب والمواد (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ) أى الكتابة أو جنس الكتب الإلهية (وَالْحِكْمَةَ) أى العلوم وتهذيب الأخلاق (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) إفرادهما بالذكر على تقدير كون المراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة لزيادة فضلهما وإنافتهما على غيرهما والجملة عطف على يبشرك أو على وجيها أو على يخلق أو هو كلام مبتدأ سيق تطييبا لقلبها وإزاحة لما أهمها من خوف اللائمة لما علمت أنها تلد من غير زوج وقرىء ونعلمه بالنون (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) منصوب بمضمر يعود إليه المعنى معطوف على يعلمه أى ويجعله رسولا إلى بنى إسرائيل أى كلهم وقال بعض اليهود إنه كان مبعوثا إلى قوم مخصوصين ثم قيل كان رسولا حال الصبا وقيل بعد البلوغ وكان أول أنبياء بنى إسرائيل يوسف عليه الصلاة والسلام وآخرهم عيسى عليه الصلاة والسلام وقيل أولهم موسى وآخر عيسى عليهم الصلاة والسلام وقوله تعالى (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) معمول لرسولا لما فيه من معنى النطق أى رسولا ناطقا بأنى الخ وقيل منصوب بمضمر معمول لقول مضمر معطوف على يعلمه أى ويقول أرسلت رسولا بأنى قد جثتكم الخ وقيل معطوف على الأحوال السابقة ولا يقدح فيه كونها فى حكم الغيبة مع كون هذا فى حكم التكلم لما عرفت من أن فيه معنى النطق كأنه قيل حال كونه وجيها ورسولا ناطقا بأنى الخ وقرىء ورسول بالجر عطفا على كلمة والباء فى قوله تعالى (بِآيَةٍ) متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل الفعل على أنها للملابسة والتنوين للتفخيم دون الوحدة لظهور تعددها وكثرتها وقرىء بآيات ، أو بجئتكم على أنها للتعدية ومن فى قوله تعالى (مِنْ رَبِّكُمْ) لابتداء الغاية مجازا متعلقة بمحذوف وقع صفة لآية أى قد جئتكم ملتبسا بآية عظيمة كائنة من ربكم أو أتيتكم بآية عظيمة كائنة منه تعالى والتعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لتأكيد إيجاب الامتثال بما سيأتى من الأوامر وقوله تعالى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) بدل من قوله تعالى (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) ومحله النصب على نزع الجار عند سيبويه والفراء والجر على رأى الخليل والكسائى أو بدل من آية وقيل منصوب بفعل مقدر أى أعنى أنى الخ وقيل مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أى هى أنى أخلق لكم وقرىء بكسر الهمزة على الاستئناف أى أقدر لكم أى لأجل تحصيل إيمانكم ودفع تكذيبكم إياى من