(وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (٥٠)
____________________________________
الطين شيئا مثل صورة الطير (فَأَنْفُخُ فِيهِ) الضمير للكاف أى فى ذلك الشىء المماثل لهيئة الطير وقرىء فأنفخ فيها على أن الضمير للهيئة المقدرة أى أخلق لكم من الطين هيئة كهيئة الطير فأنفخ فيها (فَيَكُونُ طَيْراً) حيا طيارا كسائر الطيور (بِإِذْنِ اللهِ) بأمره تعالى أشار عليه الصلاة والسلام بذلك إلى أن إحياءه من الله تعالى لا منه. قيل لم يخلق غير الخفاش. روى أنه عليه الصلاة والسلام لما ادعى النبوة وأظهر المعجزات طالبوه بخلق الخفاش فأخذ طينا وصوره ونفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض قال وهب كان يطير مادام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز من خلق الله تعالى قيل إنما طلبوا خلق الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا وأبلغ دلالة على القدرة لأن له ثديا وأسنانا وهى تحيض وتطهر وتلد كسائر الحيوان وتضحك كما يضحك الإنسان وتطير بغير ريش ولا تبصر فى ضوء النهار ولا فى ظلمة الليل وإنما ترى فى ساعتين ساعة بعد الغروب وساعة بعد طلوع الفجر وقيل خلق أنواعا من الطير (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) أى الذى ولد أعمى أو الممسوح العين (وَالْأَبْرَصَ) المبتلى بالبرص لم تكن العرب تنفر من شىء نفرنها منه ويقال له الوضح أيضا وتخصيص هذين الداءين لأنهما مما أعيا الأطباء وكانوا فى غاية الحذاقة فى زمنه عليه الصلاة والسلام فأراهم الله تعالى المعجزة من ذلك الجنس روى أنه عليه الصلاة والسلام ربما كان يجتمع عليه ألوف من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى عليه الصلاة والسلام وما يداويه إلا بالدعاء (وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) كرره مبالغة فى دفع وهم من توهم فيه اللاهوتية. قال الكلبى كان عليه الصلاة والسلام يحيى الموتى بياحى يا قيوم. أحيا عازر وكان صديقا له فعاش وولد له ومر على ابن عجوز ميت فدعا الله تعالى فنزل عن سريره حيا ورجع إلى أهله وبقى وولد له وبنت العاشر أحياها وولدت بعد ذلك فقالوا إنك تحيى من كان قريب العهد من الموت فلعلهم لم يموتوا بل أصابتهم سكتة فأحى لنا سام بن نوح فقال دلونى على قبره ففعلوا فقام على قبره فدعا الله عزوجل فقام من قبره وقد شاب رأسه فقال عليهالسلام كيف شبت ولم يكن فى زمانكم شيب قال يا روح الله لما دعوتنى سمعت صوتا يقول أجب روح الله فظننت أن الساعة قد قامت فمن هول ذلك شبت فسأله عن النزع قال يا روح الله إن مرارته لم تذهب من حنجرتى وكان بينه وبين موته أكثر من أربعة آلاف سنة وقال للقوم صدقوه فإنه نبى الله فآمن به بعضهم وكذبه آخرون فقالوا هذا سحر فأرنا آية فقال يا فلان أكلت كذا ويا فلان خبىء لك كذا وذلك قوله تعالى (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) أى بالمغيبات من أحوالكم التى لا تشكون فيها وقرىء تذخرون بالذال والتخفيف (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من الأمور العظام (لَآيَةً) عظيمة وقرىء لآيات (لَكُمْ) دالة على صحة رسالتى دلالة واضحة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جواب الشرط محذوف لانصباب المعنى إليه أو دلالة المذكور عليه أى انتفعتم بها أو إن كنتم ممن يتأتى منهم الإيمان دلتكم على صحة رسالتى والإيمان بها (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ