(رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٥٤)
____________________________________
عطشنا فيضرب بيده الأرض فيخرج منها الماء فيشربون فقالوا من أفضل منا قال عليه الصلاة والسلام أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالأجرة فسموا حواريين وقيل إن أمه سلمته إلى صباغ فأراد الصباغ يوما أن يشتغل ببعض مهماته فقال له عليه الصلاة والسلام ههنا ثياب مختلفة قد جعلت لكل واحد منها علامة معينة فاصبغها بتلك الألوان فغاب فجعل عليه الصلاة والسلام كلها فى جب واحد وقال كونى بإذن الله كما أريد فرجع الصباغ فسأله فأخبره بما صنع فقال أفسدت على الثياب قال قم فانظر فجعل يخرج ثوبا أحمر وثوبا أخضر وثوبا أصفر إلى أن أخرج الجميع على أحسن ما يكون حسبما كان يريد فتعجب منه الحاضرون وآمنوا به عليه الصلاة والسلام وهم الحواريون قال القفال ويجوز أن يكون بعض هؤلاء الحواريين الاثنى عشر من الملوك وبعضهم من صيادى السمك وبعضهم من القصارين وبعضهم من الصباغين والكل سموا بالحواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه الصلاة والسلام وأعوانه والمخلصين فى طاعته ومحبته (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) أى أنصار دينه ورسوله (آمَنَّا بِاللهِ) استئناف جار مجرى العلة لما قبله فإن الإيمان به تعالى موجب لنصرة دينه والذب عن أوليائه والمحاربة مع أعدائه (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) مخلصون فى الإيمان منقادون لما تريد منا من نصرتك طلبوا منه عليه الصلاة والسلام الشهادة بذلك يوم القيامة يوم يشهد الرسل عليهم الصلاة والسلام لأممهم وعليهم إيذانا بأن مرمى غرضهم السعادة الأخروية (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ) تضرع إلى الله عزوجل وعرض لحالهم عليه تعالى بعد عرضها على الرسول مبالغة فى إظهار أمرهم (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) أى فى كل ما يأتى ويذر من أمور الدين فيدخل فيه الاتباع فى النصرة دخولا أوليا (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أى مع الذين يشهدون بوحدنيتك أو مع الأنبياء الذين يشهدون لأتباعهم أو مع أمة محمد عليه الصلاة والسلام فإنهم شهداء على الناس قاطبة وهو حال من مفعول اكتبنا (وَمَكَرُوا) أى الذين علم عيسى عليه الصلاة والسلام كفرهم من اليهود بأن وكلوا به من يقتله غيلة (وَمَكَرَ اللهُ) بأن رفع عيسى عليه الصلاة والسلام وألقى شبهه على من قصد اغتياله حتى قتل والمكر من حيث إنه فى الأصل حيلة يجلب بها غيره إلى مضرة لا يمكن إسناده إليه سبحانه إلا بطريق المشاكلة. روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن ملك بنى إسرائيل لما قصد قتله عليه الصلاة والسلام أمره جبريل عليه الصلاة والسلام أن يدخل بيتا فيه روزنة فرفعه جبريل من تلك الروزنة إلى السماء فقال الملك لرجل خبيث منهم ادخل عليه فاقتله فدخل البيت فألقى الله عزوجل شبهه عليه فخرج يخبرهم أنه ليس فى البيت فقتلوه وصلبوه وقيل إنه عليه الصلاة والسلام جمع الحواريين ليلة وأوصاهم ثم قال ليكفرن بى أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعنى بدراهم يسيرة فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فنافق أحدهم فقال لهم ما تجعلون لى إن دللتكم على المسيح فجعلوا