(إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥٥)
____________________________________
له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه فألقى الله عزوجل عليه شبه عيسى عليه الصلاة والسلام ورفعه إلى السماء فأخذوا المنافق وهو يقول أنا دليلكم فلم يلتفتوا إلى قوله وصلبوه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى وبدنه يشبه بدن صاحبنا فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان صاحبنا فأين عيسى فوقع بينهم قتال عظيم وقيل لما صلب المصلوب جاءت مريم ومعها امرأة أبرأهما الله تعالى من الجنون بدعاء عيسى عليه الصلاة والسلام وجعلتا تبكيان على المصلوب فأنزل الله تعالى عيسى عليه الصلاة والسلام فجاءهما فقال علام تبكيان فقالتا عليك فقال إن الله تعالى رفعنى ولم يصبنى إلا خير وإن هذا شىء شبه لهم قال محمد بن إسحق إن اليهود عذبوا الحواريين بعد رفع عيسى عليه الصلاة والسلام ولقوا منهم الجهد فبلغ ذلك ملك الروم وكان ملك اليهود من رعيته فقيل له إن رجلا من بنى إسرائيل ممن تحت أمرك كان يخبرهم أنه رسول الله وأراهم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وفعل وفعل فقال لو علمت ذلك ما خليت بينهم وبينه ثم بعث إلى الحواريين فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن عيسى عليه الصلاة والسلام فأخبروه فبايعهم على دينهم وأنزل المصلوب فغيبه وأخذ الخشبة فأكرمها ثم غزا بنى إسرائيل وقتل منهم خلقا عظيما ومنه ظهر أصل النصرانية فى الروم ثم جاء بعده ملك آخر يقال له ططيوس وغزا بيت المقدس بعد رفع عيسى عليه الصلاة والسلام بنحو من أربعين سنة فقتل وسبى ولم يترك فى مدينة بيت المقدس حجرا على حجر فخرج عند ذلك قريظة والنضير إلى الحجاز قال أهل التواريخ حملت مريم بعيسى عليه الصلاة والسلام وهى بنت ثلاث عشرة سنة وولدته ببيت لحم من أرض أورشليم لمضى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل وأوحى الله تعالى إليه على رأس ثلاثين سنة ورفعه إليه من بيت المقدس ليلة القدر من شهر رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت أمه بعد رفعه ست سنين (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أقواهم مكرا وأنفذهم كيدا وأقدرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب وإظهار الجلالة فى موقع الإضمار لتربية المهابة والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله (إِذْ قالَ اللهُ) ظرف لمكر الله أو لمضمر نحو وقع ذلك (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أى مستوفى أجلك ومؤخرك إلى أجلك المسمى عاصما لك من قتلهم أو قابضك من الأرض من توفيت مالى أو متوفيك نائما إذ روى أنه رفع وهو نائم وقيل مميتك فى وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن أو مميتك من الشهوات العائقة عن العروج إلى عالم الملكوت وقيل أماته الله تعالى سبع ساعات ثم رفعه إلى السماء وإليه ذهبت النصارى. قال القرطبى والصحيح أن الله تعالى رفعه من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد وهو اختيار الطبرى وهو الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما وأصل القصة أن اليهود لما عزموا على قتله عليه الصلاة والسلام اجتمع الحواريون وهم اثنا عشر رجلا فى غرفة فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر بهم إبليس جميع اليهود فركب