(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٥٦)
____________________________________
منهم أربعة آلاف رجل فأخذوا باب الغرفة فقال المسيح للحواريين أيكم يخرج ويقتل ويكون معى فى الجنة فقال واحد منهم أنا يا نبى الله فألقى عليه مدرعة من صوف وعمامة من صوف وناوله عكازة وألقى عليه شبه عيسى عليه الصلاة والسلام فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه وأما عيسى عليه الصلاة والسلام فكساه الله الريش والنور وألبسه النور وقطع عنه شهوة المطعم والمشرب وذلك قوله تعالى (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) فطار مع الملائكة ثم إن أصحابه حين رأوا ذلك تفرقوا ثلاث فرق فقالت فرقة كان الله فينا ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية وقالت فرقة أخرى كان فينا ابن الله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهم النسطورية وقالت فرقة أخرى منهم كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهؤلاء هم المسلمون فتظاهرتعليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم فلم يزل الإسلام منطمسا إلى أن بعث الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوسلم (وَرافِعُكَ إِلَيَّ) أى إلى محل كرامتى ومقر ملائكتى (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أى من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ) قال قتادة والربيع والشعبى ومقاتل والكلبى هم أهل الإسلام الذين صدقوه واتبعوا دينه من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من النصارى (فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهم الذين مكروا به عليه الصلاة والسلام ومن يسير بسيرتهم من اليهود فإن أهل الإسلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة وقيل هم الحواريون فينبغى أن تحمل فوقيتهم على فوقية المسلمين بحكم الاتحاد فى الإسلام والتوحيد وقيل هم الروم وقيل هم النصارى فالمراد بالاتباع مجرد الادعاء والمحبة وإلا فأولئك الكفرة بمعزل من اتباعه عليه الصلاة والسلام (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) غاية للجعل أو للاستقرار المقدر فى الظرف لا على معنى أن الجعل أو الفوقية تنتهى حينئذ ويتخلص الكفرة من الذلة بل على معنى أن المسلمين يعلونهم إلى تلك الغاية فأما بعدها فيفعل الله تعالى بهم ما يريد (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) أى رجوعكم بالبعث وثم للتراخى وتقديم الجار والمجرور للقصر المفيد لتأكيد الوعد والوعيد والضمير لعيسى عليه الصلاة والسلام وغيره من المتبعين له والكافرين به على تغليب المخاطب على الغائب فى ضمن الالتفات فإنه أبلغ فى التبشير والإنذار (فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) يومئذ إثر رجوعكم إلى (فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من أمور الدين وفيه متعلق بتختلفون وتقديمه عليه لرعاية الفواصل (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) تفسير للحكم الواقع بين الفريقين وتفصيل لكيفيته والبداية ببيان حال الكفرة لما أن مساق الكلام لتهديدهم وزجرهم عما هم عليه من الكفر والعناد وقوله تعالى (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) متعلق بأعذبهم لا بمعنى إيقاع كل واحد من التعذيب فى الدنيا والتعذيب فى الآخرة وإحداثهما يوم القيامة بل بمعنى إتمام مجموعهما يومئذ وقيل إن المرجع أعم من الدنيوى والأخروى وقوله تعالى (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) غاية للفوقية لا للجعل والرجوع متراخ عن الجعل وهو غير محدود لا عن الفوقية المحدودة على نهج قولك سأعيرك سكنى هذا البيت شهرا ثم أخلع عليك خلعة فيلزم تأخر الخلع عن الإعارة لا عن الشهر (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يخلصونهم من عذاب الله تعالى فى الدارين وصيغة الجمع لمقابلة ضمير الجمع أى