(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٦١)
____________________________________
وأمه والظرف إما حال أى كائنا من ربك أو خبر ثان أى كائن منه تعالى وقيل هما مبتدأ وخبر أى الحق المذكور من الله تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطب لتشريفه عليه الصلاة والسلام والإيذان بأن تنزيل هذه الآيات الحقة الناطقة بكنه الأمر تربية له عليه الصلاة والسلام ولطف به (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) فى ذلك والخطاب إما للنبى صلىاللهعليهوسلم على طريقة الإلهاب والتهييج لزيادة التثبيت والإشعار بأن الامتراء فى المحذورية بحيث ينبغى أن ينهى عنه من لا يكاد يمكن صدوره عنه فكيف بمن هو بصدد الامتراء وإما لكل من له صلاحية الخطاب (فَمَنْ حَاجَّكَ) أى من النصارى إذ هم المتصدون للمحاجة (فِيهِ) أى فى شأن عيسى عليهالسلام وأمه زعما منهم أنه ليس على الشأن المحكى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أى ما يوجبه إيجابا قطعيا من الآيات البينات وسمعوا ذلك منك فلم يرعو واعماهم عليه من الغى والضلال (فَقُلْ) لهم (تَعالَوْا) أى هلموا بالرأى والعزيمة (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) اكتفى بهم عن ذكر البنات لظهور كونهم أعز منهن وأما النساء فتعلقهن من جهة أخرى (وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) أى ليدع كل منا ومنكم نفسه وأعزة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة ويحملهم عليها وتقديمهم على النفس فى أثناء المباهلة التى هى من باب المهالك ومظان التلف مع أن الرجل يخاطر لهم بنفسه ويحارب دونهم للإيذان بكمال أمنه عليه الصلاة والسلام وتمام ثقته بأمره وقوة يقينه بأنه لن يصيبهم فى ذلك شائبة مكروه أصلا وهو السر فى تقديم جانبه عليهالسلام على جانب المخاطبين فى كل من المقدم والمؤخر مع رعاية الأصل فى الصيغة فإن غير المتكلم تبع (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) أى نتباهل بأن نلعن الكاذب منا والبهلة بالضم والفتح اللعنة وأصلها الترك له فى الإسناد من قولهم بهلت الناقة أى تركتها بلا صرار (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) عطف على نبتهل مبين لمعناه روى أنهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى نرجع وننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذار أيهم يا عبد المسيح ما ترى فقال والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكن فإن أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشى خلفه وعلى خلفها رضى الله عنهم أجمعين وهو يقول إذا أنا دعوت فأمنوا فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إنى لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانى إلى يوم القيامة فقالوا يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا قال صلىاللهعليهوسلم فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين فأبوا قال عليه الصلاة والسلام فإنى أنا جزكم فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدى إليك كل عام ألفى حلة