(بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٦) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٨)
____________________________________
ما من شىء فى الجاهلية إلا وهو تحت قدمى إلا الأمانة فإنها مؤادة إلى البر والفاجر (بَلى) إثبات لما نفوه أى بلى عليهم فيهم سبيل وقوله تعالى (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) استئناف مقرر للجملة التى سد بلى مسدها والضمير المجرور لمن أو لله تعالى وعموم المتقين نائب مناب الراجع من الجزاء إلى من ومشعر بأن التقوى ملاك الأمر عام للوفاء وغيره من أداء الواجبات والاجتناب عن الماهى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ) أى يستبدلون ويأخذون (بِعَهْدِ اللهِ) أى بدل ما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول صلىاللهعليهوسلم والوفاء بالأمانات (وَأَيْمانِهِمْ) وبما حلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به ولننصرنه (ثَمَناً قَلِيلاً) هو حطام الدنيا (أُولئِكَ) الموصوفون بتلك الصفات القبيحة (لا خَلاقَ) لا نصيب (لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) من نعيمها (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) أى بما يسرهم أو بشىء أصلا وإنما يقع ما يقع من السؤال والتوبيخ والتقريع فى أثناء الحساب من الملائكة عليهمالسلام أولا ينتفعون بكلمات الله تعالى وآياته والظاهر أنه كناية عن شدة غضبه وسخطه نعوذ بالله من ذلك لقوله تعالى (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فإنه مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم متفرع على الكناية فى حق من يجوز عليه النظر لأن من اعتد بالإنسان التفت إليه وأعاره نظر عينيه ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد والإحسان وإن لم يكن ثمة نظر ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجرد المعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر ويوم القيامة متعلق بالفعلين وفيه تهويل للوعيد (وَلا يُزَكِّيهِمْ) أى لا يثنى عليهم أو لا يطهرهم من أوضار الأوزار (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) على ما فعلوه من المعاصى قيل إنها نزلت فى أبى رافع ولبابة بن أبى الحقيق وحيى بن أخطب حرفوا التوراة وبدلوا نعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخذوا الرشوة على ذلك وقيل نزلت فى فى الأشعت بن قيس حيث كان بينه وبين رجل نزاع فى بئر فاختصما إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال له شاهداك أو يمينه فقال الأشعث إذن يحلف ولا يبالى فقال صلىاللهعليهوسلم من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان وقيل فى رجل أقام سلعة فى السوق فحلف لقد اشتراها بما لم يكن اشتراها به (وَإِنَّ مِنْهُمْ) أى من اليهود المحرفين (لَفَرِيقاً) ككعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وأضرابهما (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) أى يفتلونها بقراءته فيميلونها عن المنزل إلى المحرف أو يعطفونها بشبه الكتاب وقرىء يلوون بالتشديد ويلون بقلب الواو المضمومة همزة ثم تخفيفها بحذفها وإلقاء حركتها على ما قبلها