(يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥)
____________________________________
دبرتم ذلك وقلتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو بلا تؤمنوا أى ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأشياعكم ولا تفشوه إلى المسلمين لئلا يزيد ثباتهم ولا إلى المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام وقوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) اعتراض مفيد لكون كيدهم غير مجد لطائل أو خبر إن على أن هدى الله بدل من الهدى وقرىء أأن يؤتى على الاستفهام التقريعى وهو مؤيد للوجه الأول أى ألأن يؤتى أحد الخ دبرتم وقرىء أن على أنها نافية فيكون من كلام الطائفة أى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم وقولوا لهم ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) عطف على أن يؤتى على الوجهين الأولين وعلى الثالث معناه حتى يحاجوكم عند ربكم فيد حضوا حجتكم والواو ضمير أحد لأنه فى معنى الجع إذ المراد به غير أتباعهم (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) رد لهم وإبطال لما زعموه بالحجة الباهرة (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) أى يجعل رحمته مقصورة على (مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) كلاهما تذييل لما قبله مقرر لمضمونه (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) شروع فى بيان خيانتهم فى المال بعد بيان خيانتهم فى الدين والجار والمجرور فى محل الرفع على الابتداء حسبما مر تحقيقه فى تفسير قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ) الخ خبره قوله تعالى (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) على أن المقصود بيان اتصافهم بمضمون الجملة الشرطية لا كونهم ذوات المذكورين كأنه قيل بعض أهل الكتاب بحيث إن تأمنه بقنطار أى بمال كثير يؤده إليك كعبد الله بن سلام استودعه قرشى ألفا ومائتى أوقية ذهبا فأداه إليه (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) كفنحاص بن عازوراء استودعه قرشى آخر دينارا فجحده وقيل المأمونون على الكثير النصارى إذ الغالب فيهم الأمانة والخائنون فى القليل اليهود إذ الغالب فيهم الخيانة (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) استثناء مفرغ من أعم الأحوال أو الأوقات أى لا يؤده إليك فى حال من الأحوال أو فى وقت من الأوقات إلا فى حال دوام قيامك أو فى وقت دوام قيامك على رأسه مبالغا فى مطالبته بالتقاضى وإقامة البينة (ذلِكَ) إشارة إلى ترك الأداء المدلول عليه بقوله تعالى (لا يُؤَدِّهِ) وما فيه من معنى البعد للإيذان بكمال غلوهم فى الشر والفساد (بِأَنَّهُمْ) أى بسبب أنهم (قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ) أى فى شأن من ليس من أهل الكتاب (سَبِيلٌ) أى عتاب ومؤاخذة (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بادعائهم ذلك (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم كاذبون مفترون على الله تعالى وذلك لأنهم استحلوا ظلم من خالفهم وقالوا لم يجعل فى التوراة فى حقهم حرمة وقيل عامل اليهود رجالا من قريش فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا سقط حقكم حيث تركتم دينكم وزعموا أنه كذلك فى كتابهم وعن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال عند نزولها كذب أعداء الله