(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١) وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٧٣)
____________________________________
أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) نزلت فى اليهود حين دعوا حذيفة وعمارا ومعادا إلى اليهودية ولو بمعنى أن (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) جملة حالية جىء بها للدلالة على كمال رسوخ المخاطبين وثباتهم على ما هم عليه من الدين القويم أى وما يتخطاهم الإضلال ولا يعود وباله إلا إليهم لما أنه يضاعف به عذابهم وقيل وما يضلون إلا أمثالهم ويأباه قوله تعالى (وَما يَشْعُرُونَ) أى باختصاص وباله وضرره بهم (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) أى بما نطقت به التوراة والإنجيل ودلت على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) أى والحال أنكم تشهدون أنها آيات الله أو بالقرآن وأنتم تشهدون نعته فى الكتابين أو تعلمون بالمعجزات أنه حق (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) بتحريفكم وإبراز الباطل فى صورته أو بالتقصير فى التمييز بينهما وقرىء تلبسون بالتشديد وتلبسون بفتح الباء أى تلبسون الحق مع الباطل كما فى قوله عليهالسلام كلابس ثوبى زور (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ) أى نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أى حقيته (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وهم رؤساؤهم ومفسدوهم لأعقابهم (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أى أظهروا الإيمان بالقرآن المنزل عليهم (وَجْهَ النَّهارِ) أى أوله (وَاكْفُرُوا) أى اظهروا ما أنتم عليه من الكفر به (آخِرَهُ) مرائين لهم إنكم آمنتم به بادىء الرأى من غير تأمل ثم تأملتم فيه فوقفتم على خلل رأيكم الأول فرجعتم عنه (لَعَلَّهُمْ) أى المؤمنين (يَرْجِعُونَ) عماهم عليه من الإيمان به كما رجعتم والمراد بالطائفة كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف قالا لأصحابهما لما حولت القبلة آمنوا بما أنزل عليهم من الصلاة إلى الكعبة وصلوا إليها أول النهار ثم صلوا إلى الصخرة آخره لعلهم يقولون هم أعلم منا وقد رجعوا فيرجعون وقيل هم اثنا عشر رجلا من أحبار خيبر تقاولوا بأن يدخلوا فى الإسلام أول النهار ويقولوا آخره نظرنا فى كتابنا وشاورنا علماءنا فلم نجد محمدا بالنعت الذى ورد فى التوراة لعل أصحابه يشكون فيه (وَلا تُؤْمِنُوا) أى لا تقروا بتصديق قلبى (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) أى لأهل دينكم أو لا تظهروا إيمانكم وجه النهار إلا لمن كان على دينكم من قبل فإن رجوعهم أرجى وأهم (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) يهدى به من يشاء إلى الإيمان ويثبته عليه (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) متعلق بمحذوف أى