(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) (٥٨)
____________________________________
اتباعه له والبينة الحجة الواضحة التى تفصل بين الحق والباطل والمراد بها القرآن والوحى وقيل هى الحجج* العقلية أو ما يعمها ولا يساعده المقام والتنوين للتفخيم وقوله تعالى (مِنْ رَبِّي) متعلق بمحذوف هو صفة لبينة مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية وفى التعرض لعنوان الروبية* مع الإضافة إلى ضميره صلىاللهعليهوسلم من التشريف ورفع المنزلة ما لا يخفى وقوله تعالى (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) إما جملة مستأنفة أو حالية بتقدير قد أو بدونه جىء بها لاستقباح مضمونها واستبعاد وقوعه مع تحقق ما يقتضى عدمه من غاية وضوح البينة والضمير المجرور للبينة والتذكير باعتبار المعنى المراد والمعنى إنى على بينة عظيمة* كائنة من ربى وكذبتم بها وبما فيها من الأخبار التى من جملتها الوعيد بمجىء العذاب وقوله تعالى (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) استئناف مبين لخطئهم فى شأن ما جعلوه منشأ لتكذيبهم بها وهو عدم مجىء ما وعد فيها من العذاب الذى كانوا يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد إن كنتم صادقين بطريق الاستهزاء أو بطريق الإلزام على زعمهم أى ليس ما تستعجلونه من العذاب الموعود فى القرآن وتجعلون تأخره ذريعة* إلى تكذيبه فى حكمى وقدرتى حتى أجىء به وأظهر لكم صدقه أو ليس أمره بمفوض إلى (إِنِ الْحُكْمُ) أى ما الحكم فى ذلك تعجيلا وتأخيرا أو ما الحكم فى جميع الأشياء فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا* (إِلَّا لِلَّهِ) وحده من غير أن يكون لغيره دخل ما فيه بوجه من الوجوه وقوله تعالى (يَقُصُّ الْحَقَّ) أى يتبعه بيان لشئونه تعالى فى حكم المعهود أو فى جميع أحكامه المنتظمة له انتظاما أوليا أى لا يحكم إلا بما هو حق فيثبت حقيقة التأخير وقرىء يقضى فانتصاب الحق حينئذ على المصدرية أى يقضى القضاء الحق أو على المفعولية أى يصنع الحق ويدبره من قولهم قضى الدرع إذا صنعها وأصل القضاء الفصل بتمام* الأمر وأصل الحكم المنع فكأنه يمنع الباطل عن معارضة الحق أو الخصم عن التعدى على صاحبه (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مشير إلى أن قص الحق ههنا بطريق خاص هو الفصل بين الحق والباطل هذا هو الذى تستدعيه جزالة التنزيل وقد قيل إن المعنى إنى من معرفة ربى وأنه لا معبود سواه على حجة واضحة وشاهد صدق وكذبتم به أنتم حيث أشركتم به تعالى غيره وأنت خبير بأن مساق النظم الكريم فيما سبق وما لحق على وصفهم بتكذيب آيات الله تعالى بسبب عدم مجىء العذاب الموعود فيها فتكذيبهم به سبحانه فى أمر التوحيد مما لا تعلق له بالمقام أصلا (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي) * أى فى قدرتى ومكنتى (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب الذى ورد به الوعيد بأن يكون أمره مفوضا إلى* من جهته تعالى (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أى بأن ينزل ذلك عليكم إثر استعجالكم بقولكم متى هذا الوعد ونظائره وفى بناء الفعل للمفعول من الإيذان بتعين الفاعل الذى هو الله تعالى وتهويل الأمر ومراعاة حسن الأدب ما لا يخفى فما قيل فى تفسيره لأهلكتكم عاجلا غضبا لربى ولتخلصت منكم* سريعا بمعزل من توفية المقام حقه وقوله تعالى (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) اعتراض مقرر لما أفادته الجملة الامتناعية من انتفاء كون أمر العذاب مفوضا إليه صلىاللهعليهوسلم المستتبع لانتفاء قضاء الأمر وتعليل له والمعنى