(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (١٢٨)
____________________________________
* على الوجه المذكور (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) أى العذاب أو الخذلان قال مجاهد الرجس ما لا خير فيه وقال* الزجاج الرجس اللعنة فى الدنيا والعذاب فى الآخرة (عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أى عليهم ووضع الموصول موضع المضمر للإشعار بأن جعله تعالى معلل بما فى حيز الصلة من كمال نبوهم عن الإيمان وإصرارهم على الكفر (وَهذا) أى البيان الذى جاء به القرآن أو الاسلام أو ما سبق من التوفيق والخذلان (صِراطُ رَبِّكَ) أى طريقه الذى ارتضاه أو عادته وطريقته التى اقتضتها حكمته وفى التعرض لعنوان الربوبية إيذان بأن* تقويم ذلك الصراط للتربية وإفاضة الكمال (مُسْتَقِيماً) لا عوج فيه أو عادلا مطردا وهو حال مؤكدة كقوله* تعالى (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) والعامل فيها معنى الإشارة (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) بيناها مفصلة (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) يتذكرون ما فى تضاعيفها فيعلمون أن كل ما يحدث من الحوادث خيرا كان أو شرا فإنما يحدث بقضاء الله تعالى وخلقه وأنه تعالى عالم بأحوال العباد حكيم عادل فيما يفعل بهم وتخصيص القوم المذكورين بالذكر لأنهم المنتفعون بتفصيل الآيات (لَهُمْ دارُ السَّلامِ) أى للمتذكرين دار السلامة من كل المكاره وهى* الجنة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أى فى ضمانه أو ذخيرة لهم عنده لا يعلم كنهها غيره تعالى (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) أى مولاهم وناصرهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بسبب أعمالهم الصالحة أو متوليهم بجزائها يتولى إيصاله إليهم (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) منصوب بمضمر إما على المفعولية أو الظرفية وقرىء بنون العظمة على الالتفات لتهويل* الأمر والضمير المنصوب لمن يحشر من الثقلين أى واذكر يوم يحشر الثقلين قائلا (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ) أو ويوم يحشرهم يقول يا معشر الجن أو ويوم يحشرهم ويقول يا معشر الجن يكون من الأحوال والأهوال* ما لا يساعده الوصف لفظاعته والمعشر الجماعة والمراد بمعشر الجن الشياطين (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أى من إغوائهم وإضلالهم أو منهم بأن جعلتموهم أتبعاعكم فحشروا معكم كقولهم استكثر الأمير من* الجنود وهذا بطريق التوبيخ والتقريع (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ) أى الذين أطاعوهم ومن فى قوله تعالى (مِنَ الْإِنْسِ) إما لبيان الجنس أى أولياؤهم الذين هم الإنس أو متعلقة بمحذوف هو حال من أولياؤهم أى* كائنين من الإنس (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) أى انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها وقيل بأن ألقوا إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة والجن بالإنس بأن أطاعوهم وحصلوا مرادهم بقبول ما ألقوه إليهم وقيل استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم فى المفاوز