(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (١٤١)
____________________________________
قالوا إنه لا نظير له فى القرآن وهذا الحكم منهم إن ولد ذلك حيا وهو الظاهر المعتاد (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً) * أى إن ولدت ميتة (فَهُمْ) أى الذكور والإناث (فِيهِ) أى فيما فى بطون الأنعام وقيل المراد بالميتة ما يعم* الذكر والأنثى فغلب الأول على الثانى (شُرَكاءُ) يأكلون منه جميعا وقرىء خالصة بالنصب على أنه مصدر* مؤكد والخبر لذكورنا أو حال من الضمير الذى فى الظرف لا من الذى فى ذكورنا ولا من الذكور لأنه لا يتقدم على العامل المعنوى ولا على صاحبه المجرور وقرىء خالصة بالرفع والإضافة إلى الضمير على أنه بدل من ما أو مبتدأ ثان (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) أى جزاء وصفهم الكذب على الله تعالى فى أمر التحليل* والتحريم من قوله تعالى (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) تعليل للوعيد بالجزاء فإن الحكيم* العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذى هو من مقتضيات الحكمة (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ) جواب قسم محذوف وقرىء بالتشديد وهم ربيعة ومضر وأضرابهم من العرب الذين كانوا يئدون بناتهم مخافة السبى والفقر أى خسروا دينهم ودنياهم (سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) متعلق ب (قَتَلُوا) على أنه علة* له أى لخفة عقلهم وجهلهم بأن الله هو الرزاق لهم ولأولادهم أو نصب على الحال ويؤيده أنه قرىء سفهاء أو مصدر (وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ) من البحائر والسوائب ونحوهما (افْتِراءً عَلَى اللهِ) نصب* على أحد الوجوه المذكورة وإظهار الاسم الجليل فى موقع الإضمار لإظهار كمال عتوهم وطغيانهم (قَدْ ضَلُّوا) عن الطريق المستقيم (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) إليه وإن هدوا بفنون الهدايات أو وما كانوا مهتدين* من الأصل لسوء سيرتهم فالجملة حينئذ اعتراض وعلى الأول عطف على (ضَلُّوا) (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) تمهيد لما سيأتى من تفصيل أحوال الأنعام أى هو الذى أنشأهن من غير شركة لأحد فى ذلك* بوجه من الوجوه والمعروشات من الكروم المرفوعات على ما يحملها (وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) وهن الملقيات* على وجه الأرض وقيل المعروشات ما غرسه الناس وعرشوه وغير المعروشات ما نبت فى البوادى والجبال (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ) عطف على (جَنَّاتٍ) أى أنشأهما (مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) وقرىء أكله بسكون الكاف أى ثمره* الذى يؤكل فى الهيئة والكيفية والضمير إما للنخل والزرع داخل فى حكمه أو للزرع والباقى مقيس عليه أو للجميع على تقدير أكل ذلك أو كل واحد منهما ومختلفا حال مقدرة إذ ليس كذلك وقت الإنشاء (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) أى أنشأهما وقوله تعالى (مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) نصب على الحالية أى يتشابه بعض*