(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١٢)
____________________________________
المخاطبين بالطريق البرهانى وللإيذان بأن ما وصفوا به عند الخطاب من وصف الإيمان داع إلى ما أمروا به من التوكل والتقوى وازع عن الإخلال بهما وإظهار الاسم الجليل فى موقع الإضمار لتعليل الحكم وتقوية استقلال الجملة التذييلية (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) كلام مستأنف مشتمل على ذكر بعض ما صدر عن بنى إسرائيل من الخيانة ونقض الميثاق وما أدى إليه ذلك من التبعات مسوق لتقرير المؤمنين على ذكر نعمة الله تعالى ومراعاة حق الميثاق الذى واثقهم به وتحذيرهم من نقضه أو لتقرير ما ذكر من الهم بالبطش وتحقيقه على تقدير كون ذلك من بنى قريظة حسبما مر من الرواية ببيان أن الغدر والخيانة عادة لهم قديمة توارثوها من أسلافهم وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة وتفخيم الميثاق وتهويل الخطب فى* نقضه مع ما فيه من رعاية حق الاستئناف المستدعى للانقطاع عما قبله والالتفات فى قوله تعالى (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) للجرى على سنن الكبرياء أو لأن البعث كان بواسطة موسى عليهالسلام كما سيأتى وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر والنقيب فعيل بمعنى فاعل مشتق من النقب وهو التفتيش ومنه قوله تعالى (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) سمى بذلك لتفتيشه عن أحوال القوم وأسرارهم. قال الزجاج وأصله من النقب وهو الثقب الواسع. روى أن بنى إسرائيل لما استقروا بمصر بعد مهلك فرعون أمرهم الله عزوجل بالمسير إلى أريحاء أرض الشام وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيون وقال لهم إنى كتبتها لكم دارا وقرارا فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها وإنى ناصركم وأمر موسى عليهالسلام أن يأخذ من كل سبط نقيبا أمينا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بنى إسرائيل وتكفل إليهم النقباء وسار بهم فلما دنا من أرض كنعان بعث النقباء يتجسسون فرأوا أجراما عظيمة وقوة وشوكة فهابوا ورجعوا وحدثوا قومهم بما رأوا وقد نهاهم موسى عن ذلك فنكثوا الميثاق إلا كالب بن يوقنا نقيب سبط يهوذا ويوشع بن نون نقيب سبط إفراييم بن يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام قيل لما توجه النقباء إلى أرضهم للتجسس لقيهم عوج بن عنق وكان طوله ثلاثة آلاف وثلثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وكان على رأسه حزمة حطب فأخذهم وجعلهم فى الحزمة وانطلق بهم إلى امرأته وقال انظرى إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا فطرحهم بين يديها وقال ألا أطحنهم برجلى فقالت لا بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ففعل فجعلوا يتعرفون أحوالهم وكان لا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة رجال أو أربعة فلما خرج النقباء قال بعضهم لبعض إن أخبرتم بنى إسرائيل بخبر القوم ارتدوا عن نبى الله ولكن اكتموه