(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) (١١
____________________________________
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) تذكير لنعمة الإنجاء من الشر إثر تذكير نعمة إيصال الخير الذى هو نعمة الإسلام وما يتبعها من الميثاق وعليكم متعلق بنعمة الله أو بمحذوف وقع حالا منها وقوله تعالى (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ) على الأول ظرف لنفس النعمة وعلى الثانى لما تعلق به عليكم ولا سبيل إلى كونه ظرفا* لا ذكروا لتنافى زمانيهما أى اذكروا إنعامه تعالى عليكم أو اذكروا نعمته كائنة عليكم فى وقت همهم (أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) أى بأن يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك يقال بسط إليه يده إذا بطش به وبسط* إليه لسانه إذا شتمه وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح للمسارعة إلى بيان رجوع ضرر البسط وغائلته إليهم حملا لهم من أول الأمر على الاعتداد بنعمة دفعه كما أن تقديم لكم فى قوله عزوجل (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) للمبادرة إلى بيان كون المخلوق من منافعهم تعجيلا للمسرة (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) عطف على هم وهو النعمة التى أريد تذكيرها وذكرا لهم للإبذان بوقوعها عند مزيدا لحاجة إليها والفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكمالها وإظهار أيديهم فى موقع الإضمار لزيادة التقرير أى منع أيديهم أن تمد إليكم عقيب همهم بذلك لا أنه كفها عنكم بعد ما مدوها إليكم وفيه من الدلالة على كمال النعمة من حيث أنها لم تكن مشوبة بضرر الخوف والانزعاج الذى قلما يعرى عنه الكف بعد المد مالا يخفى مكانه وذلك ما روى أن المشركين رأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بعسفان فى غزوة ذى أنمار وهى غزوة ذات الرقاع وهى السابعة من مغازيه عليه الصلاة والسلام قاموا إلى الظهر معا فلما صلوا ندم المشركون ألا كانوا قد أكبوا عليهم فقالوا إن لهم بعدها صلاة هى أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم يعنون صلاة العصر وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إليها فرد الله تعالى كيدهم بأن أنزل صلاة الخوف وقيل هو ما روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى بنى قريظة ومعه الشيخان وعلى رضى الله تعالى عنهم يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى خطأ يحسبهما مشركين فقالوا انعم يا أبا القاسم أجلس حتى نطعمك ونعطيك ما سألت فأجلسوه فى صفة وهموا بالفتك به وعمد عمرو بن جحاش إلى رحا عظيمة يطرحها عليه فأمسك الله تعالى يده ونزل جبريل عليهالسلام فأخبره فخرج عليه الصلاة والسلام وقيل هو ما روى أنه صلىاللهعليهوسلم نزل منزلا وتفرق أصحابه فى العضاه يستظلون بها فعلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم سيفه بشجرة فجاء أعرابى فأخذه وسله فقال من يمنعك منى فقال صلىاللهعليهوسلم الله تعالى فأسقطه جبريل عليهالسلام من يده فأخذه الرسول صلىاللهعليهوسلم فقال من يمنعك منى فقال لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (وَاتَّقُوا اللهَ) عطف على اذكروا أى اتقوه فى رعاية حقوق نعمته* ولا تخلوا بشكرها أو فى كل ما تأتون وما تذرون فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا (وَعَلَى اللهِ) أى عليه* تعالى خاصة دون غيره استقلالا واشتراكا (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فإنه يكفيهم فى إيصال كل خير ودفع* كل شر والجملة تذييل مقرر لما قبله وإيثار صيغة أمر الغائب وإسنادها إلى المؤمنين لإيجاب التوكل على