(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (١٢٠)
____________________________________
كأنه قال إن لكم لأجرا وإنكم مع ذلك لمن المقربين للمبالغة فى الترغيب. روى أنه قال لهم تكونون أول من يدخل مجلسى وآخر من يخرج منه (قالُوا) استئناف كما مر كأنه قيل فماذا فعلوا بعد ذلك فقيل* قالوا متصدين لشأنهم مخاطبين لموسى عليهالسلام (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) ما تلقى أولا (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) أى لما نلقى أولا أو الفاعلين للإلقاء أولا خيروه عليهالسلام بالبدء بالإلقاء مراعاة للأدب وإظهارا للجلادة وأنه لا يختلف حالهم بالتقديم والتأخير ولكن كانت رغبتهم فى التقديم كما ينبىء عنه تغييرهم للنظم بتعريف الخبر وتوسيط ضمير الفصل وتأكيد الضمير المتصل (قالَ أَلْقُوا) غير مبال بأمرهم* أى ألقوا ما تلقون (فَلَمَّا أَلْقَوْا) ما ألقوا (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) بأن خيلوا إليهم ما لا حقيقة له (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) * أى بالغوا فى إرهابهم (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) فى بابه. روى أنهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا كأنها حيات ملأت الوادى وركب بعضها بعضا (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) الفاء فصيحة أى فألقاها فصارة حية فإذا هى الآية وإنما حذف للإشعار بمسارعة موسى عليهالسلام إلى الإلقاء وبغاية سرعة الانقلاب كأن لقفها لما يأفكون قد حصل متصلا بالأمر بالإلقاء وصيغة المضارع لاستحضار صورة اللقف الهائلة والإفك الصرف والقلب عن الوجه المعتاد وما موصولة أو موصوفة والعائد محذوف أى ما يأفكونه ويزورونه أو مصدرية وهى مع الفعل بمعنى المفعول روى أنها لما تلقفت ملء الوادى من الخشب والحبال ورفعها موسى فرجعت عصا كما كانت وأعدم الله تعالى بقدرته الباهرة تلك الأجرام العظام أو فرقها أجزاء لطيفة قالت السحرة لو كان هذا سحرا لبقيت حبالنا وعصينا (فَوَقَعَ الْحَقُّ) أى فثبت لظهور أمره (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى ظهر بطلان ما كانوا مستمرين على عمله (فَغُلِبُوا) أى فرعون وقومه (هُنالِكَ) أى فى مجلسهم (وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ) أى صاروا أذلاء مبهوتين أو رجعوا إلى المدينة أذلاء مقهورين والأول هو الظاهر لقوله تعالى (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) فإن ذلك كان بمحضر من فرعون قطعا أى خروا سجدا كأنما ألقاهم ملق لشدة خرورهم كيف لا وقد