(قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) (١٢٥)
____________________________________
بهرهم الحق واضطرهم إلى ذلك (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) أبدلوا الثانى من الأول لئلا يتوهم أن مرادهم فرعون. عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال لما آمنت السحرة اتبع موسى من بنى إسرائيل ستمائة ألف (قالَ فِرْعَوْنُ) منكرا على السحرة موبخا لهم على ما فعلوه (آمَنْتُمْ بِهِ) بهمزة واحدة إما على الإخبار المحض المتضمن للتوبيخ أو على الاستفهام التوبيخى بحذف الهمزة كما مر فى إن لنا لأجرا وقد قرىء بتحقيق الهمزتين معا وبتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين أى آمنتم بالله تعالى (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) أى بغير أن آذن لكم كما فى قوله تعالى (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) لا أن* الإذن منه ممكن فى ذلك (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ) يعنى إن ما صنعتموه ليس مما اقتضى الحال صدوره* عنكم لقوة الدليل وظهور المعجزة بل هو حيلة احتلتموها مع مواطأة موسى (فِي الْمَدِينَةِ) يعنى مصر* قبل أن تخرجوا إلى الميعاد. روى أن موسى عليه الصلاة والسلام وأمير السحرة التقيا فقال له موسى أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بى وتشهد أن ما جئت به الحق فقال الساحر والله لئن غلبتنى لأومنن بك وفرعون يسمعهما وهو الذى نشأ عنه هذا القول (لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها) أى القبط وتخلص هى لك ولبنى إسرائيل* وهاتان شبهتان ألقاهما إلى أسماع عوام القبط عند معاينتهم لارتفاع أعلام المعجزة ومشاهدتهم لخضوع أعناق السحرة لها وعدم تمالكهم من أن يؤمنوا بها ليمنعهم بهما عن الإيمان بنبوة موسى عليه الصلاة والسلام بإراءة أن إيمان السحرة مبنى على المواضعة بينهم وبين موسى وأن غرضهم بذلك إخراج القوم من المدينة وإبطال ملكهم ومعلوم أن مفارقة الأوطان المألوفة والنعمة المعروفة مما لا يطاق به فجمع اللعين بين الشبهتين تثبيتا للقبط على ما هم عليه وتهييجا لعداوتهم له عليه الصلاة والسلام ثم عقبهما بالوعيد ليريهم أن له قوة وقدرة على المدافعة فقال (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أى عاقبة ما فعلتم وهذا وعيد ساقه بطريق* الإجمال للتهويل ثم عقبه بالتفصيل فقال (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) أى من كل شق طرفا (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) تفضيحا لكم وتنكيلا لأمثالكم. قيل هو أول من سن ذلك فشرعه الله تعالى* لقطاع الطريق تعظيما لجرمهم ولذلك سماه الله تعالى محاربة لله ورسوله (قالُوا) استئناف مسوق للجواب