(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٣٦)
____________________________________
الله صلىاللهعليهوسلم فشق ذلك عليه لما أنه عليه الصلاة والسلام كان شديد الحرص على إيمان فومه فكان إذا سألوا آية يود أن ينزلها الله تعالى طمعا فى إيمانهم فنزلت فقوله تعالى (إِعْراضُهُمْ) مرتفع ب (كَبُرَ) وتقديم الجار والمجرور عليه لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر والجملة فى محل النصب على أنها خبر لكان مفسرة لاسمها الذى هو ضمير الشأن ولا حاجة إلى تقدير قد وقيل اسم كان إعراضهم وكبر جملة فعلية فى محل النصب على أنها خبر لها مقدم على اسمها لأنه فعل رافع لضمير مستتر كما هو المشهور وعلى التقديرين فقوله تعالى (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) الخ شرطية أخرى محذوفة الجواب وقعت جوابا للشرط الأول والمعنى إن شق عليك* إعراضهم عن الإيمان بما جئت به من البينات وعدم عدهم لها من قبيل الآيات وأحببت أن نجيبهم إلى ما سألوه اقتراحا فإن استطعت (أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً) أى سربا ومنفذا (فِي الْأَرْضِ) تنفذ فيه إلى جوفها* (أَوْ سُلَّماً) أى مصعدا (فِي السَّماءِ) تعرج به فيها (فَتَأْتِيَهُمْ) منهما (بِآيَةٍ) مما اقترحوه فافعل وقد جوز أن* يكون ابتغاؤهما نفس الإتيان بالآية فالفاء فى فتأتيهم حينئذ تفسيرية وتنوين آية للتفخيم أى فإن استطعت أن تبتغيهما فتجعل ذلك آية لهم فافعل والظرفان متعلقان بمحذوفين هما نعتان لنفقا وسلما والأول لمجرد التأكيد إذ النفق لا يكون إلا فى الأرض أو بتبتغى وقد جوز تعلقهما بمحذوف وقع حالا من فاعل تبتغى أى أن تبتغى نفقا كائنا أنت فى الأرض أو سلما كائنا فى السماء وفيه من الدلالة على تبالغ حرصه عليه الصلاة والسلام على إسلام قومه وتراميه إلى حيث لو قدر على أن يأتى بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لفعل رجاء لإيمانهم ما لا يخفى وإيثار الابتغاء على الاتخاذ ونحوه للإيذان بأن ما ذكر من النفق والسلم مما لا يستطاع ابتغاؤه فكيف باتخاذه (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) أى ولو شاء الله تعالى أن* يجمعهم على ما أنتم عليه من الهدى لفعله بأن يوفقهم للإيمان فيؤمنوا معكم ولكن لم يشأ لعدم صرف اختيارهم إلى جانب الهدى مع تمكنهم التام منه فى مشاهدتهم للآيات الداعية إليه لا أنه تعالى لم يوفقهم له مع توجههم إلى تحصيله وقيل لو شاء الله لجمعهم عليه بأن يأتيهم بآية ملجئة إليه ولكن لم يفعله لخروجه عن الحكمة وقوله تعالى (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) نهى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عما كان عليه من الحرص* الشديد على إسلامهم والميل إلى إتيان ما يقترحونه من الآيات طمعا فى إيمانهم مرتب على بيان عدم تعلق مشيئته تعالى بهدايتهم والمعنى وإذا عرفت أنه تعالى لم يشأ هدايتهم وإيمانهم بأحد الوجهين فلا تكونن بالحرص الشديد على إسلامهم أو الميل إلى نزول مقترحاتهم من الجاهلين بدقائق شئونه تعالى التى من جملتها ما ذكر من عدم تعلق مشيئته تعالى بإيمانهم أما اختيارا فلعدم توجههم إليه وأما اضطرارا فلخروجه عن الحكمة التشريعية المؤسسة على الاختيار ويجوز أن يراد بالجاهلين على الوجه الثانى المقترحون ويراد بالنهى منعه عليه الصلاة والسلام من المساعدة على اقتراحهم وإيرادهم بعنوان الجهل دون الكفر ونحوه لتحقيق مناط النهى الذى هو الوصف الجامع بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم (إِنَّما يَسْتَجِيبُ