(وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٥)
____________________________________
* تعالى (وَأُوذُوا) عطف على (كُذِّبُوا) داخل فى حكمه فانسبك منهما مصدران من المبنى للمفعول أى فصبروا على تكذيبهم وإيذائهم فتأس بهم واصطبر على ما نالك من قومك والمراد بإيذائهم إما عين تكذيبهم وإما ما يقارنه من فنون الإيذاء لم يصرح به ثقة باستلزام التكذيب إياه غالبا وأيا ما كان ففيه تأكيد للتسلية* وقيل عطف على صبروا وقيل على (كُذِّبَتْ) وقيل هو استئناف وقوله تعالى (حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) غاية للصبر وفيه إيذان بأن نصره تعالى إياهم أمر مقرر لا مرد له وأنه متوجه إليهم لا بد من إتيانه البتة والالتفات* إلى نون العظمة لإبراز الاعتناء بشأن النصر وقوله تعالى (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) اعتراض مقرر لما قبله من إتيان نصره إياهم والمراد بكلماته تعالى ما ينبىء عنه قوله تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) وقوله تعالى (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) من المواعيد السابقة للرسل عليهم الصلاة والسلام الداله على نصرة رسول الله أيضا لا نفس الآيات المذكورة ونظائرها فإن الإخبار بعدم تبدلها إنما يفيد عدم تبدل المواعيد الواردة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة دون المواعيد السابقة للرسل عليهم الصلاة والسلام ويجوز أن يراد بكلماته تعالى جميع كلماته التى من جملتها تلك المواعيد الكريمة ويدخل فيها المواعيد الواردة فى حقه عليه الصلاة والسلام دخولا أوليا والالتفات إلى الاسم الجليل للإشعار بعلة الحكم فإن الألوهية من موجبات أن لا يغالبه أحد فى فعل من الأفعال ولا يقع* منه تعالى خلف فى قول من الأقوال وقوله تعالى (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) جملة قسمية جىء بها لتحقيق ما منحوا من النصر وتأكيد ما فى ضمنه من الوعد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لتقرير جميع ما ذكر من تكذيب الأمم وما ترتب عليه من الأمور والجار والمجرور فى محل الرفع على أنه فاعل إما باعتبار مضمونه أى بعض نبأ المرسلين أو بتقدير الموصوف أى بعض من نبأ المرسلين كما مر فى تفسير قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) الآية وأياما كان فالمراد بنبئهم عليهمالسلام على الأول نصره تعالى إياهم بعد اللتيا والتى وعلى الثانى جميع ما جرى بينهم وبين أممهم على ما ينبىء عنه قوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) الآية وقيل فى محل النصب على الحالية من المستكن فى جاء العائد إلى ما يفهم من الجملة السابقة أى ولقد جاءك هذا الخبر كائنا من نبأ المرسلين (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) كلام مستأنف مسوق لتأكيد إيجاب الصبر المستفاد من التسلية ببيان أنه أمر لا محيد عنه أصلا أى إن كان عظم عليك وشق إعراضهم عن الإيمان بما جئت به من القرآن الكريم حسبما يفصح عنه ما حكى عنهم من تسميتهم له أساطير الأولين وتنائيهم عنه ونهيهم الناس عنه وقيل إن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى محضر من قريش فقال يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل وأنا أصدقك فأبى الله أن يأتى بآية مما اقترحوا فأعرضوا عن رسول