(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٧٥)
____________________________________
حين يقول لشى من الأشياء كن فيكون ذلك الشىء وقيل (يَوْمَ) منصوب بالعطف على (السَّماواتِ) أو على الضمير فى (وَاتَّقُوهُ) أو بمحذوف دل عليه بالحق و (قَوْلُهُ الْحَقُ) مبتدأ وخبر أو فاعل يكون على معنى حين يقول لقوله الحق أى لقضائه الحق كن فيكون والمراد حين يكون الأشياء ويحدثها أو حين تقوم القيامة فيكون التكوين حشر الأجساد وإحياءها فتأمل حق التأمل (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) تقييد* اختصاص الملك به تعالى بذلك اليوم مع عموم الاختصاص لجميع الأوقات لغاية ظهور ذلك بانقطاع العلائق المجازية الكائنة فى الدنيا المصححة للمالكية المجازية فى الجملة كقوله تعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أى هو عالمهما (وَهُوَ الْحَكِيمُ) فى كل ما يفعله (الْخَبِيرُ) بجميع الأمور* الجلية والخفية (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبى عليه الصلاة والسلام معطوف على (قُلْ أَنَدْعُوا) لا على (أَقِيمُوا) كما قيل لفساد المعنى أى واذكر لهم بعد ما أنكرت عليهم عبادة ما لا يقدر على نفع وضر وحققت أن الهدى هو هدى الله وما يتبعه من شئونه تعالى وقت قول إبراهيم الذى يدعون أنهم على ملته موبخا (لِأَبِيهِ آزَرَ) على عبادة الأصنام فإن ذلك مما يبكتهم وينادى بفساد* طريقتهم وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة لما مر مرارا من المبالغة فى إيجاب ذكرها وآزر بزنة آدم وعابر وعازر وفالغ وكذلك تارح ذكره محمد بن اسحق والضحاك والكلبى وكان من قرية من سواد الكوفة ومنع صرفه للعجمة والعلمية وقيل اسمه بالسريانية تارح وآزر لقبه المشهور وقيل اسم صنم لقب هو به للزومه عبادته فهو عطف بيان لأبيه أو بدل منه وقال الضحاك معناه الشيخ الهرم وقال الزجاج المخطىء وقال الفراء وسليمان التيمى المعوج فهو نعت له كما إذا جعل مشتقا من الآزر أو الوز أو أريد به عابد آزر على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وقرىء آزر على النداء وهو دليل العلمية إذ لا يحذف حرف النداء إلا من الأعلام (أَتَتَّخِذُ) متعد إلى مفعولين* هما (أَصْناماً آلِهَةً) أى أتجعلها لنفسك آلهة على توجيه الإنكار إلى اتخاذ الجنس من غير اعتبار الجمعية* وإنما إيراد صيغة الجمع باعتبار الوقوع وقرىء أازرا بفتح الهمزة وكسرها بعد همزة الاستفهام وزاء ساكنة وراء منوبة منصوبة وهو اسم صنم ومعناه أتعبد آزرا ثم قيل تتخذ أصناما آلهة تثبيتا لذلك وتقريرا وهو داخل تحت الإنكار لكونه بيانا له وقيل الأزر القوة والمعنى الأجل القوة والمظاهرة تتخذ أصناما آلهة إنكارا لتعززه بها على طريقة قوله تعالى (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ) * الذين يتبعونك فى عبادتها (فِي ضَلالٍ) عن الحق (مُبِينٍ) أى بين كونه ضلالا لا اشتباه فيه أصلا* والرؤية إما علمية فالظرف مفعولها الثانى وإما بصرية فهو حال من المفعول والجملة تعليل للإنكار والتوبيخ (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) هذه الإراءة من الرؤية البصرية المستعارة للمعرفة ونظر البصيرة أى عرفاناه