(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (٧٣)
____________________________________
إلى أنهم مهتدون ثابتون على الطريق المستقيم وأن من يدعونه ليس ممن يعرف الطريق المستقيم ليدعى إلى* إتيانه وإنما يدرك سمت الداعى ومورد النعيق فقط (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) الذى هدانا إليه وهو الإسلام* (هُوَ الْهُدى) وحده وما عداه ضلال محض وغى بحت كقوله تعالى (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) ونحوه وتكرير الأمر للاعتناء بشأن المأمور به ولأن ما سبق للزجر عن الشرك وهذا حث على الإسلام وهو* توطئة لما بعده فإن اختصاص الهدى بهداه تعالى مما يوجب الامتثال بالأوامر الواردة بعده (وَأُمِرْنا) * عطف على (إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) داخل تحت القول واللام فى (لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) لتعليل الأمر المحكى وتعيين ما أريد به من الأوامر الثلاثة كما فى قوله تعالى (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا) الآية كأنه قيل أمرنا وقيل لنا أسلموا لأجل أن نسلم وقيل هى بمعنى الباء أى أمرنا بأن نسلم وقيل زائدة أى أمرنا أن نسلم على حذف الباء وقوله تعالى (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) أى الله تعالى فى مخالفة أمره عطف على نسلم على الوجوه الثلاثة على أن المصدرية إذا وصلت بالأمر بتجرد هو عن معنى الأمر نحو تجرد الصلة الفعلية عن معنى المضى والاستقبال فالمعنى على الأول أمرنا أى قيل لنا أسلموا وأقيموا الصلاة واتقوا الله لأجل أن نسلم ونقيم الصلاة ونتقيه تعالى وعلى الأخيرين أمرنا بأن نسلم ونقيم الصلاة ونتقيه تعالى والتعرض لوصف ربوبيته تعالى للعالمين لتعليل الأمر وتأكيد وجوب الامتثال به كما أن قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) جملة مستأنفة موجبة للامتثال بما أمر به من الأمور الثلاثة (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أريد بخلقهما خلق ما فيهما أيضا وعدم التصريح بذلك لظهور اشتمالهما على* جميع العلويات والسفليات وقوله تعالى (بِالْحَقِّ) متعلق بمحذوف هو حال من فاعل (خَلَقَ) أو من مفعوله* أو صفة لمصدره المؤكد له أى قائما بالحق أو متلبسة بالحق أو خلقا متلبسا به وقوله تعالى (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ) استئاف لبيان أن خلقه تعالى لما ذكر من السموات والأرض ليس مما يتوقف على مادة أو مدة بل يتم بمحض الأمر التكوينى من غير توقف على شىء آخر أصلا وأن ذلك الأمر المتعلق بكل فرد فرد من أفراد المخلوقات فى حين معين من أفراد الأحيان حق فى نفسه متضمن للحكمة و (يَوْمَ) ظرف لمضمون جملة (قَوْلُهُ الْحَقُ) والواو بحسب المعنى داخل عليها وتقديمه عليها للاعتناء به من حيث إنه مدار الحقية وترك ذكر المقول له للثقة بغاية ظهوره والمراد بالقول كلمة كن تحقيقا أو تمثيلا كما هو المشهور فالمعنى وأمره المتعلق بكل شىء يريد خلقه من الأشياء فى حين تعلقه به لا قبله ولا بعده من أفراد الأحيان الحق أى المشهود له بالحقية المعروف بها هذا وقد قيل (قَوْلُهُ) مبتدأ و (بِالْحَقِ) صفته و (يَوْمَ يَقُولُ) خبره مقدما عليه كقولك يوم الجمعة القتال وانتصابه بمعنى الاستقرار وحاصل المعنى قوله الحق كائن