(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٧١)
____________________________________
ما ذكر من العذابين على كفرهم مع أنهم معذبون بسائر معاصيهم أيضا حسبما ينطق به قوله تعالى (بِما كَسَبُوا) لأنه العمدة فى إيجاب العذاب والأهم فى باب التحذير أو أريد بكفرهم ما هو أعم منه ومن مستتبعاته من المعاصى والسيئات هذا وقد جوز أن يكون (أُولئِكَ) إشارة إلى النفوس المدلول عليها بنفس محله الرفع بالابتداء والموصول الثانى صفته أو بدل منه و (لَهُمْ شَرابٌ) الخ خبره والجملة مسوقة لبيان تبعة الإبسال (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) قيل نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه حين دعاه ابنه عبد الرحمن إلى عبادة الأصنام فتوجيه الأمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حينئذ للإيذان بما بينهما من الاتصال والاتحاد تنويها لشأن الصديق رضى الله تعالى عنه أى أنعبد متجاوزين عبادة الله الجامع لجميع صفات الألوهية التى من جملتها القدرة على النفع والضر ما لا يقدر على نفعنا إذا عبدناه ولا على ضرنا إذا تركناه وأدنى مراتب المعبودية القدرة على ذلك وقوله تعالى (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) عطف على (نَدْعُوا) داخل فى* حكم الإنكار والنفى أى ونرد إلى الشرك والتعبير عنه بالرد على الأعقاب لزيادة تقبيحه بتصويره بصورة ما هو علم فى القبح مع ما فيه من الإشارة إلى كون الشرك حالة قد تركت ونبذت وراء الظهر وإيثار نرد على نرتد لتوجيه الإنكار إلى الارتداد برد الغير تصريحا بمخالفة المضلين وقطعا لأطماعهم الفارغة وإيذانا بأن الارتداد من غير راد ليس فى حيز الاحتمال ليحتاج إلى نفيه وإنكاره وقوله تعالى (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) أى إلى الإسلام وانقذنا من الشرك متعلق بنرد مسوق لتأكيد النكير لا لتحقيق معنى الرد وتصويره فقط وإلا لكفى أن يقال بعد إذ اهتدينا كأنه قيل ونرد إلى الشرك بإضلال المضل بعد إذ هدانا الله الذى لا هادى سواه وقوله تعالى (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) فى محل النصب على أنه حال* من مرفوع نرد أى أنرد على أعقابنا مشهين بالذى استهوته مردة الجن واستغوته إلى المهامه والمهالك أو على أنه نعت لمصدر محذوف أى أنرد ردا مثل رد الذى استهوته الخ والاستهواء استفعال من هوى فى الأرض إذا ذهب فيها كأنها طلبت هويه وحرصت عليه وقرىء استهواه بألف ممالة وقوله تعالى (فِي الْأَرْضِ) إما متعلق ب (اسْتَهْوَتْهُ) أو بمحذوف هو حال من مفعوله أى كائنا فى الأرض وكذا قوله تعالى (حَيْرانَ) حال منه على أنها بدل من الأولى أو حال الثانية عند من يجيزها أو من الذى أو من المستكن* فى الظرف أى تائها ضالا عن الجادة لا يدرى ما يصنع وقوله تعالى (لَهُ أَصْحابٌ) جملة فى محل النصب على* أنها صفة ل (حَيْرانَ) أو حال من الضمير فيه أو مستأنفة سيقت لبيان حاله وقوله تعالى (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) * صفة لأصحاب أى لذلك المستهوى رفقة يهدونه إلى الطريق المستقيم تسمية له بالمصدر مبالغة كأنه نفس الهدى (ائْتِنا) على إرادة القول على أنه بدل ممن يدعونه أو حال من فاعله أى يقولون ائتنا وفيه إشارة*