(قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠) قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١٥١)
____________________________________
لم يشأ هداية الكل بل هداية البعض الصارفين هممهم إلى سلوك طريق الحق وضلال آخرين صرفوا اختيارهم إلى خلاف ذلك من غير صارف يلويهم ولا عاطف يثنيهم (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ) أى أحضروهم وهو اسم فعل لا يتصرف على لغة أهل الحجاز وفعل يؤنث ويجمع على لغة بنى تميم على رأى الجمهور وقد خالفهم البعض فى فعليته وليس بشىء وأصله عند البصريين هالم من لم إذا قصد حذفت الألف لتقدير السكون فى اللام فإنه الأصل وعند الكوفيين هل أم فحذفت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام وهو بعيد لأن هل لا تدخل الأمر ويكون متعديا كما فى الآية ولازما كما فى قوله تعالى (هَلُمَّ إِلَيْنا (الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا) وهم قدوتهم الذين ينصرون قولهم وإنما أمروا باستحضارهم ليلزمهم الحجة ويظهر بانقطاعهم ضلالتهم وأنه لا متمسك لهم كمن يقلدهم ولذلك قيد الشهداء بالإضافة ووصفوا بما يدل على أنهم شهداء معروفون بالشهادة لهم وبنصرة مذهبهم (فَإِنْ شَهِدُوا) بعد ما حضروا بأن الله حرم هذا* (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) أى فلا تصدقهم فإنه كذب بحت وافتراء صرف وبين لهم فساده فإن تسليمه منهم موافقة* لهم فى الشهادة الباطلة (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) من وضع المظهر مقام المضمر للدلالة على* أن من كذب بآيات الله تعالى وعدل به غيره فهو متبع للهوى لا غير وأن من اتبع الحجة لا يكون إلا مصدقا بها (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) كعبدة الأوثان عطف على الموصول الأول بطريق عطف* الصفة على الصفة مع اتحاد الموصوف كما فى قوله[إلى الماجد القرم وابن إلهما * م وليث الكتائب فى المزدحم] فإن من يكذب بآياته تعالى لا يؤمن بالآخرة وبالعكس (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أى يجعلون له عديلا عطف* على (لا يُؤْمِنُونَ) والمعنى لا تتبع أهواء الذين يجمعون بين تكذيب آيات الله وبين الكفر بالآخرة وبين الإشراك به سبحانه لكن لا على أن يكون مدار النهى الجمع المذكور بل على أن أولئك جامعون لها متصفون بكلها (قُلْ تَعالَوْا) لما ظهر بطلان ما ادعوا من أن إشراكهم وإشراك آبائهم وتحريم ما حرموه بأمر الله تعالى ومشيئته بظهور عجزهم عن إخراج شىء يتمسك به فى ذلك وإحضار شهداء يشهدون بما ادعوا فى أمر التحريم بعد ما كلفوه مرة بعد أخرى عجزا بينا أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يبين لهم من المحرمات ما يقتضى الحال بيانه على الأسلوب الحكيم إيذانا بأن حقهم الاجتناب عن هذه المحرمات وأما الأطعمة المحرمة فقد بينت بقوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ) الآية وتعالى أمر من التعالى والأصل فيه أن يقوله من فى مكان