عال لمن هو فى أسفل منه ثم اتسع فيه بالتعميم كما أن الغنيمة فى الأصل إصابة الغنم من العدو ثم استعملت* فى إصابة كل ما يصاب منهم اتساعا ثم فى الفوز بكل مطلب من غير مشقة (أَتْلُ) جواب الأمر وقوله* تعالى (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) منصوب به على أن ما موصولة والعائد محذوف أى أقرأ الذى حرمه ربكم أى الآيات المشتملة عليه أو مصدرية أى الآيات المشتملة على تحريمه أو بحرم على أنها استفهامية والجملة مفعول لأتل* لأن التلاوة من باب القول كأنه قيل أقل أى شىء حرم ربكم (عَلَيْكُمْ) متعلق بحرم على كل حال وقيل بأتل والأول أنسب بمقام الاعتناء بإيجاب الانتهاء عن المحرمات المذكورة وهو السر فى التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم فإن تذكير كونه تعالى ربا لهم ومالكا لأمرهم على الإطلاق من أقوى* الدواعى إلى انتهائهم عما نهاهم عنه أشد انتهاء وأن فى قوله تعالى (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ) مفسرة لفعل التلاوة المعلق بما حرم ولا ناهية كما ينبىء عنه عطف ما بعده من الأوامر والنواهى عليه وليس من ضرورة كون المعطوف عليه تفسير تلاوة المحرمات بحسب منطوقه كون المعطوفات أيضا كذلك حتى يمتنع انتظام الأوامر فى سلك العطف عليه بل يكفى فى ذلك كونها تفسيرا لها باعتبار لوازمها التى هى النواهى المتعلقة بأضداد ما تعلقت هى به فإن الأمر بالشىء مستلزم للنهى عن ضده بل هو عينه عند البعض كأن الأوامر ذكرت وقصد لوازمها فإن عطف الأوامر على النواهى الواقعة بعد أن المفسرة لتلاوة المحرمات مع القطع بأن المأمور به لا يكون محرما دليل واضح على أن التحريم راجع إلى الأضداد على الوجه المذكور فكأنه قيل أتل ما حرم ربكم أن لا تشركوا ولا تسيئوا إلى الوالدين خلا أنه قد أخرج مخرج الأمر بالإحسان إليهما بين النهيين المكتنفين له للمبالغة فى إيجاب مراعاة حقوقهما فإن مجرد ترك الإساءة إليهما غير كاف فى قضاء حقوقهما ولذلك عقب به النهى عن الإشراك الذى هو أعظم المحرمات وأكبر الكبائر ههنا وفى سائر المواقع وقيل أن ناصبة ومحلها النصب بعليكم على أنه للإغراء وقيل النصب على البدلية مما حرم وقيل من عائدها المحذوف على أن لا زائدة وقيل الجر بتقدير اللام وقيل الرفع بتقدير المتلو أن لا تشركوا أو المحرم أن لا تشركوا بزيادة لا وقيل والذى عليه التعويل هو الأول لأمور* من جملتها أن فى إخراج المفسر على صورة النهى مبالغة فى بيان التحريم وقوله تعالى (شَيْئاً) نصب على* المصدرية أو المفعولية أى لا تشركوا به شيئا من الإشراك أو شيئا من الأشياء (وَبِالْوالِدَيْنِ) أى وأحسنوا* بهما (إِحْساناً) وقد مر تحقيقه (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ) تكليف متعلق بحقوق الأولاد عقب به التكليف* المتعلق بحقوق الوالدين أى لا تقتلوهم بالوأد (مِنْ إِمْلاقٍ) أى من أجل فقر كما فى قوله تعالى (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) * وقيل هذا فى الفقر الناجز وذا فى المتوقع وقوله تعالى (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) استئناف مسوق لتعليل النهى وإبطال سببية ما اتخذوه سببا لمباشرة المنهى عنه وضمان منه تعالى لأرزاقهم أى نحن نرزق الفريقين* لا أنتم فلا تخافوا الفقر بناء على عجزكم عن تحصيل الرزق وقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) كقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) الآية إلا أنه جىء ههنا بصيغة الجمع قصدا إلى النهى عن أنواعها* ولذلك أبدل عنها قوله تعالى (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) أى ما يفعل منها علانية فى الحوانيت كما هو دأب أراذلهم وما يفعل سرا باتخاذ الأخدان كما هو عادة أشرافهم وتعليق النهى بقربانها إما للمبالغة فى الزجر