(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (١١٤)
____________________________________
مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ) أى الأشراف منهم وهم أصحاب مشورته (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) أى مبالغ فى علم السحر* ماهر فيه قالوه تصديقا لفرعون وتقريرا لكلامه فإن هذا القول بعينه معزى فى سورة الشعراء إليه (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) أى من أرض مصر (فَما ذا تَأْمُرُونَ) بفتح النون وما فى ما ذا فى محل النصب على أنه مفعول ثان لتأمرون بحذف الجار والأول محذوف والتقدير بأى شىء تأمروننى وهذا من كلام فرعون كما فى قوله تعالى (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) أى فإذا كان كذلك فماذا تشيرون على فى أمره وقيل قاله الملأ من قبله بطريق التبليغ إلى العامة فقوله تعالى (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) على الأول وهو الأظهر حكاية لكلام الملأ الذين شاورهم فرعون وعلى الثانى لكلام العامة الذين خاطبهم الملأ ويأباه أن الخطاب لفرعون وأن المشاورة ليست من وظائفهم أى أخره وأخاه وعدم التعرض لذكره لظهور كونه معه حسبما ينادى به الآيات الأخر والمعنى أخر أمرهما وأصدرهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبر شأنهما وقرىء أرجئه وأرجه من أرجأه وأرجاه (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) قيل هى مدائن صعيد مصر وكان رؤساء* السحرة ومهرتهم بأقصى مدائن الصعيد وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنهم كانوا سبعين ساحرا أخذوا السحر من رجلين مجوسيين من أهل نينوى مدينة يونس عليهالسلام بالموصل ورد ذلك بأن المجوسية ظهرت بزرادشت وهو إنما جاء بعد موسى عليه الصلاة والسلام (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) أى ماهر فى السحر وقرىء بكل سحار عليم والجملة جواب الأمر (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ) بعد ما أرسل إليهم الحاشرين وإنما لم يصرح به حسبما فى قوله تعالى (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) للإيذان بمسارعة فرعون إلى الإرسال ومبادرة الحاشرين والسحرة إلى الامتثال (قالُوا) استئناف منوط بسؤال نشأ* من حكاية مجىء السحرة كأنه قيل فماذا قالوا له عند مجيئهم إياه فقيل قالوا مدلين بما عندهم واثقين بغلبتهم (إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) بطريق الإخبار بثبوت الأجر وإيجابه كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر* عظيم حينئذ أو بطريق الاستفهام التقريرى بحذف الهمزة وقرىء بإثباتها وقولهم إن كنا لمجرد تعيين مناط ثبوت الأجر لا لترددهم فى الغلبة وتوسيط الضمير وتحلية الخبر باللام للقصر أى إن كنا نحن الغالبين لا موسى (قالَ نَعَمْ) وقوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) عطف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب