(قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) (١٠٩)
____________________________________
رميت على القوس وجئت على حال حسنة ويؤيده قراءة أبى بالباء وقرىء حقيق أن لا أقول وقوله تعالى (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) استئناف مقرر لما قبله من كونه رسولا من رب العالمين وكونه حقيقا بقول الحق ولم يكن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام وما بعده من جواب فرعون إثر ما ذكر ههنا بل بعد ما جرى بينهما من المحاورة المحكية بقوله تعالى (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما) الآيات وقوله تعالى (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) الآيات وقد طوى ههنا ذكره للإيجاز ومن متعلقة إما بجئتكم على أنها لابتداء الغاية مجازا وإما بمحذوف وقع صفة لبينة مفيدة لفخامتها الإضافية المؤكدة لفخامتها الذاتية المستفادة من التنوين التفخيمى وإضافة اسم الرب* إلى المخاطبين بعد إضافته فيما قبله إلى العالمين لتأكيد وجواب الإيمان بها (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أى فخلهم حتى يذهبوا معى إلى الأرض المقدسة التى هى وطن آبائهم وكان قد استعبدهم بعد انقراض الأسباط يستعملهم ويكلفهم الأفاعيل الشاقة فأنقذهم الله تعالى بموسى عليه الصلاة والسلام وكان بين اليوم الذى دخل يوسف مصر واليوم الذى دخله موسى عليهماالسلام أربعمائة عام والفاء لترتيب الإرسال أو الأمر به على ما قبله من رسالته عليهالسلام ومجيئه بالبينة (قالَ) استئناف وقع جوابا عن* سؤال ينساق إليه الكلام كأنه قيل فماذا قال فرعون له عليهالسلام حين قال له ما قال فقيل قال (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ) أى من عند من أرسلك كما تدعيه (فَأْتِ بِها) أى فأحضرها حتى تثبت بها رسالتك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فى دعواك فإن كونك من جملة المعروفين بالصدق يقتضى إظهار الآية لا محالة (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) أى ظاهر أمره لا يشك فى كونه ثعبانا وهو الحية العظيمة وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على كمال سرعة الانقلاب وثبات وصف الثعبانية فيها كأنها فى الأصل كذلك. روى أنه لما ألقاها صارت ثعبانا أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا وضع لحيه الأسفل على الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجه نحو فرعون فهرب منه وأحدث فانهزم الناس مزدحمين فمات منهم خمسة وعشرون ألفا فصاح فرعون يا موسى أنشدك بالذى أرسلك خذه وأنا أؤمن بك وأرسل معك بنى إسرائيل فأخذه فعاد عصا (وَنَزَعَ يَدَهُ) أى من جيبه أو من تحت إبطه (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) أى بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادة يجتمع عليه النظارة تعجبا من أمرها وذلك ما يروى أنه أرى فرعون يده وقال ما هذه فقال يدك ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فإذا هى بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعه شعاع الشمس وكان عليهالسلام آدم شديد الأدمة وقيل بيضاء للناظرين لا أنها كانت بيضاء فى جبلتها (قالَ الْمَلَأُ