إلا عن موسى وهرون عليهماالسلام فيكونان هما يريان رأيهما فأخذ بعضهم على بعض الميثاق ثم انصرفوا إلى موسى عليهالسلام وكان معهم حبة من عنبهم وقر رجل فنكثوا عهدهم وجعل كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى إلا كالب ويوشع وكان معسكر موسى فرسخا فى فرسخ فجاه عوج حتى نظر إليهم ثم رجع إلى الجبل فقور منه صخرة عظيمة على قدر العسكر ثم حملها على رأسه ليطبقها عليهم فبعث الله تعالى الهدهد فقور من الصخرة وسطها المحاذى لرأسه فانتقبت فوقعت فى عنق عوج وطوقته فصرعته وأقبل موسى عليهالسلام وطوله عشرة أذرع وكذا طول العصا فترامى فى السماء عشرة أذرع فما أصاب العصا إلا كعبه وهو مصروع فقتله قالوا فأقبلت جماعة ومعهم الخناجر حتى حزوا رأسه (وَقالَ اللهُ) أى لبنى* إسرائيل فقط إذهم المحتاجون إلى ما ذكر من الترغيب والترهيب كما ينبىء عنه الالتفات مع ما فيه من تربية المهابة وتأكيد ما يتضمنه الكلام من الوعد (إِنِّي مَعَكُمْ) أى بالعلم والقدرة والنصرة لا بالنصرة فقط فإن* تنبيههم على علمه تعالى بكل ما يأتون وما يذرون وعلى كونهم تحت قدرته وملكوته مما يحملهم على الجد فى الامتثال بما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه كأنه قيل إنى معكم أسمع كلامكم وأرى أعمالكم وأعلم ضمائركم فأجازيكم بذلك هذا وقد قيل المراد بالميثاق هو الميثاق بالإيمان والتوحيد وبالنقباء ملوك بنى إسرائيل الذين ينقبون أحوالهم ويلون أمورهم بالأمر والنهى وإقامة العدل وهو الأنسب بقوله تعالى (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) أى بجميعهم واللام موطئة للقسم المحذوف وتأخير الإيمان عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع كونهما من الفروع المترتبة عليه لما أنهم كانوا معترفين بوجوبهما مع ارتكابهم لتكذيب بعض الرسل عليهمالسلام ولمراعاة المقارنة بينه وبين قوله تعالى (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) أى نصرتموهم* وقويتموهم وأصله الذب وقيل التعظيم والتوقير والثناء بخير وقرىء وعزرتموهم بالتخفيف (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ) بالإنفاق فى سبيل الخير أو بالتصدق بالصدقات المندوبة وقوله تعالى (قَرْضاً حَسَناً) إما مصدر مؤكد* وارد على غير صيغة المصدر كما فى قوله تعالى (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) أو مفعول ثان لأقرضتم على أنه اسم للمال المقرض وقوله تعالى (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) جواب للقسم المدلول عليه* باللام ساد مسد جواب الشرط (وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) عطف على ما قبله داخل* معه فى حكم الجواب متأخر عنه فى الحصول أيضا ضرورة تقدم التخلية على التحلية (فَمَنْ كَفَرَ) أى برسلى* أو بشىء مما عدد فى حيز الشرط والفاء لترتيب بيان حكم من كفر على بيان حكم من آمن تقوية للترغيب بالترهيب (بَعْدَ ذلِكَ) الشرط المؤكد المعلق به الوعد العظيم الموجب للإيمان قطعا (مِنْكُمْ) متعلق بمضمر* وقع حالا من فاعل كفر ولعل تغيير السبك حيث لم يقل وإن كفرتم عطفا على الشرطية السابقة لإخراج كفر الكل عن حيز الاحتمال وإسقاط من كفر عن رتبة الخطاب وليس المراد إحداث الكفر بعد الإيمان بل ما يعم الاستمرار عليه أيضا كأنه قيل فمن اتصف بالكفر بعد ذلك خلا أنه قصد بإيراد ما يدل على الحدوث بيان ترقيهم فى مراتب الكفر فإن الاتصاف بشىء بعد ورود ما يوجب الإقلاع عنه وإن كان استمرارا عليه لكنه بحسب العنوان فعل جديد وصنع حادث (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أى وسط الطريق* الواضح ضلالا بينا وأخطأه خطا فاحشا لا عذر معه أصلا بخلاف من كفر قبل ذلك إذ ربما يمكن أن