(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (١٤)
____________________________________
يكون له شبهة ويتوهم له معذرة (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) الباء سببية وما مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه فى* النفس أى بسبب نقضهم ميثاقهم المؤكد لا بشىء آخر استقلالا أو انضماما (لَعَنَّاهُمْ) طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا أو مسخناهم قردة وخنازير أو أذللناهم بضرب الجزية عليهم وتخصيص البيان بما ذكر مع أن حقه أن يبين بعد بيان تحقق نفس اللعن والنقض بأن يقال مثلا فنقصوا ميثاقهم فلعناهم ضرورة تقدم هيئة الشىء البسيطة على هيئته المركبة للإيذان بأن تحققهما أمر جلى غنى عن البيان وإنما المحتاج إلى ذلك* ما بينهما من السببية والمسببية (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) بحيث لا تئأثر من الآيات والنذر وقيل أملينا لهم ولم نعاجلهم بالعقوبة حتى قست أو خذلناهم ومنعناهم الألطاف حتى صارت كذلك وقرىء قسية وهى إما مبالغة قاسية وإما بمعنى رديئة من قولهم درهم قسى أى ردىء إذا كان مغشوشا له يبس وخشونة* وقرىء بكسر القاف اتباعا لها بالسين بحرفون الكلم عن مواضعه) استئناف لبيان مرتبة قساوة قلوبهم فإنه لا مرتبة أعظم مما يصحح الا اء على لغيير كلام الله عزوجل والافتراء عليه وصيغة المضارع* للدلالة على التجدد والاستمرار وقيل حال من مفعول لعناهم (وَنَسُوا حَظًّا) أى تركوا نصيبا وافرا (مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) من التوراة أو من اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم وقيل حرفوا التوراة وزلت أشياء منها عن حفظهم وعن ابن* مسعود رضى الله تعالى عنه قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) أى خيانة على أنها مصدر كلاغية وكاذبة أو فعلة خائنة أى ذات خيانة أو طائفة خائنة أو شخص خائنة على أن التاء للمبالغة أو نفس خائنة ومنهم متعلق بمحذوف وقع صفة لها خلا أن من على الوجهين الأولين ابتدائية أى على خيانة أو على فعلة خائنة كائنة منهم صادرة عنهم وعلى الوجوه الباقية تبعيضية والمعنى أن الغدر* والخيانة عادة مستمرة لهم ولأسلافهم بحيث لا يكادون يتركونها أو يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) استثناء من الضمير المجرور فى منهم على الوجوه كلها وقيل من خائنة على الوجوه الثلاثة الأخيرة والمراد بهم الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام وأضرا به وقيل من خائنة على الوجه الثانى فالمراد بالقليل* الفعل القليل ومن ابتدائية كما مر أى إلا فعلا قليلا كائنا منهم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) أى إن تابوا* وآمنوا أو عاهدوا والتزموا الجزية وقيل مطلق نسخ بآية السيف (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) تعليل للأمر وحث على الامتثال به وتنبيه على أن العفو على الإطلاق من باب الإحسان (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا