(وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (١٣٩)
____________________________________
فصيحة أى إذا كان ما فعلوه بمشيئة الله تعالى فدعهم وافتراءهم أو وما يفترونه من الإفك فإن فيما شاء الله تعالى حكما بالغة إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين وفيه من شدة الوعيد ما لا يخفى (وَقالُوا) حكاية* لنوع آخر من أنواع كفرهم (هذِهِ) إشارة إلى ما جعلوه لآلهتهم والتأنيث للخبر (أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) أى حرام فعل بمعنى مفعول كالذبح يستوى فيه الواحد والكثير والذكر والأنثى لأن أصله المصدر ولذلك وقع صفة لأنعام وحرث وقرىء حجر بالضم وبضمتين وحرج أى ضيق وأصله حرج وقيل هو مقلوب* من حجر (لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ) يعنون خدم الأوثان من الرجال دون النساء والجملة صفة أخرى* لأنعام وحرث (بِزَعْمِهِمْ) متعلق بمحذوف هو حال من فاعل قالوا أى قالوه ملتبسين بزعمهم الباطل من* غير حجة (وَأَنْعامٌ) خبر مبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله تعالى (هذِهِ أَنْعامٌ) الخ أى قالوا مشيرين إلى* طائفة أخرى من أنعامهم وهذه أنعام (حُرِّمَتْ ظُهُورُها) يعنون بها البحائر والسوائب والحوامى (وَأَنْعامٌ) * أى وهذه أنعام كما مر وقوله تعالى (لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) صفة لأنعام لكنه غير واقع فى كلامهم المحكى كنظائره بل مسوق من جهته تعالى تعيينا للموصوف وتمييزا له عن غيره كما فى قوله تعالى (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) على أحد التفاسير كأنه قيل وأنعام ذبحت على الأصنام فإنها التى لا يذكر عليها اسم الله وإنما يذكر عليها اسم الأصنام وقيل لا يحجون عليها فإن الحج لا يعرى عن ذكر الله تعالى وقال مجاهد كانت لهم طائفة من أنعامهم لا يذكرون اسم الله عليها ولا فى شىء من شأنها لا إن* ركبوا ولا إن حلبوا ولا إن نتجوا ولا إن باعوا ولا إن حملوا (افْتِراءً عَلَيْهِ) نصب على المصدر إما على أن ما قالوه تقول على الله تعالى وإما على تقدير عامل من لفظه أى افتروا افتراء والجار متعلق بقالوا أو بافتروا المقدر أو بمحذوف هو صفة له لا بافتراء لأن المصدر المؤكد لا يعمل أو على الحال من فاعل قالوا* أى مفترين أو على العلة أى للافتراء فالجار متعلق به (سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) أى بسببه أو بدله وفى إبهام الجزاء من التهويل ما لا يخفى (وَقالُوا) حكاية لفن آخر من فنون كفرهم (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ) * يعنون به أجنة البحائر والسوائب (خالِصَةٌ لِذُكُورِنا) حلال لهم خاصة والتاء للنقل إلى الاسمية أو للمبالغة أو لأن الخالصة مصدر كالعافيه وقع موقع الخالص مبالغة أو بحذف المضاف أى ذو خالصة أو للتأنيث* بناء على أن ما عبارة عن الأجنة والتذكير فى قوله تعالى (وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) أى جنس أزواجنا وهن الإناث باعتبار اللفظ وفيه كما ترى حمل للنظم الكريم على خلاف المعهود الذى هو الحمل على اللفظ أولا وعلى المعنى ثانيا كما فى قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) الخ ونظائره وأما العكس فقد