(وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١٣٧)
____________________________________
(لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ) متعلقان به ومن فى قوله تعالى (مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ) بيان لما وفيه تنبيه على فرط جهالتهم حيث* أشركوا الخالق فى خلقه جمادا لا يقدر على شىء ثم رجحوه عليه بأن جعلوا الزكى له أى عينوا له تعالى مما خلقه من الحرث والأنعام (نَصِيباً) يصرفونه إلى الضيفان والمساكين وتأخيره عن المجرورين لما مر* مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر وإما إلى مفعولين أو لهما مما ذرأ على أن من تبعيضية أى جعلوا بعض ما خلقه نصيبا له وما قيل من أن الأول نصيبا والثانى لله لا يساعده سداد المعنى وحكاية جعلهم له تعالى نصيبا تدل على أنهم جعلوا لشركائهم أيضا نصيبا ولم يذكر اكتفاء بقوله تعالى (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) وقرىء بضم الزاء وهو لغة فيه وإنما قيد به الأول للتنبيه على أنه فى الحقيقة ليس بجعل لله تعالى غير مستتبع لشىء من الثواب كالتطوعات التى يبتغى بها وجه الله تعالى لا لما قيل من أنه للتنبيه على أن ذلك مما اخترعوه لم يأمرهم الله تعالى به فإن ذلك مستفاد من الجعل ولذلك لم يقيد به الثانى ويجوز أن يكون ذلك تمهيدا لما بعده على معنى أن قولهم هذا لله مجرد زعم منهم لا يعملون بمقتضاه الذى هو اختصاصه به تعالى فقوله تعالى (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) * بيان وتفصيل له أى فما عينوه لشركائهم لا يصرف إلى الوجوه التى يصرف إليها ما عينوه لله تعالى من قرى الضيفان والتصدق على المساكين وما عينوه لله تعالى إذا وجدوه زاكيا يصرف إلى الوجوه التى يصرف إليها ما عينوه لآلهتهم من إنفاق عليها وذبح نسائك عندها والإجراء على سدنتها ونحو ذلك (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) * فيما فعلوا من إيثار آلهتهم على الله تعالى وعملهم بما لم يشرع لهم وما بمعنى الذى والتقدير ساء الذى يحكمون حكمهم فيكون حكمهم مبتدأ وما قبله الخبر وحذف لدلالة يحكمون عليه (وَكَذلِكَ) ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك فى قسمة القربان بين الله تعالى وبين آلهتهم أو مثل ذلك التزيين البليغ المعهود من الشياطين (زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ) بوادهم ونحرهم لآلهتهم. كان الرجل يحلف* فى الجاهلية لئن ولد له كذا غلاما لينحرن أحدهم كما حلف عبد المطلب وهو مشهور (شُرَكاؤُهُمْ) أى* أولياؤهم من الجن أو من السدنة وهو فاعل زين أخر عن الظرف والمفعول لما مر غير مرة وقرىء على البناء للمفعول الذى هو القتل ونصب الأولاد وجر الشركاء بإضافة القتل إليه مفصولا بينهما بمفعوله وقرىء على البناء للمفعول ورفع قتل وجر أولادهم ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين كأنه لما قيل زين لهم قتل أولادهم قيل من زينه فقيل زينه شركاؤهم (لِيُرْدُوهُمْ) أى يهلكوهم بالإغواء* (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين إسمعيل عليهالسلام أو ما وجب عليهم* أن يتدينوا به واللام للتعليل إن كان التزيين من الشياطين وللعاقبة إن كان من السدنة (وَلَوْ شاءَ اللهُ) أى عدم فعلهم ذلك (ما فَعَلُوهُ) أى ما فعل المشركون ما زين لهم من القتل أو الشركاء التزيين أو الإرداء واللبس أو الفريقان جميع ذلك على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) الفاء*