(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (١٣٦)
____________________________________
أى الذى توعدونه من البعث وما يتفرع عليه من الأمور الهائلة وصيغة الاستقبال للدلالة على الاستمرار* التجددى (لَآتٍ) لواقع لا محالة كقوله تعالى (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) وإيثاره عليه لبيان كمال سرعة وقوعه* بتصويره بصورة طالب حثيث لا يفوته هارب حسبما يعرب عنه قوله تعالى (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أى بفائتين ذلك وإن ركبنم فى الهرب متن كل صعب وذلول كما أن إيثار صيغة الفاعل على المستقبل للإيذان بكمال قرب الإتيان والمراد بيان دوام انتفاء الإعجاز لا بيان انتفاء دوام الإعجاز فإن الجملة الاسمية كما تدل على دوام الثبوت تدل بمعونة المقام إذا دخل عليها حرف النفى على دوام الانتفاء لا على انتفاء الدوام كما حقق فى موضعه (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) إثر ما بين لهم حالهم ومآلهم بطريق الخطاب أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بطريق التلوين بأن يواجههم بتشديد التهديد وتكرير الوعيد ويظهر لهم ما هو عليه من غاية التصلب فى الدين ونهاية الوثوق بأمره وعدم المبالاة بهم أى اعملوا على غاية تمكنكم واستطاعتكم يقال مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن أو على جهتكم وحالتكم التى أنتم عليها من قولهم مكان ومكانة كمقام ومقامة وقرىء مكاناتكم والمعنى اثبتوا على كفرهم ومعاداتكم (إِنِّي عامِلٌ) ما أمرت به من الثبات على الإسلام والاستمرار على الأعمال الصالحة والمصابرة وإيراد التهديد بصيغة الأمر مبالغة فى الوعيد كأن المهدد يريد تعذيبه مجمعا عليه فيحمله بالأمر على ما يؤدى إليه وتسجيل بأن المهدد لا يتأتى منه إلا الشر كالذى أمر به بحيث لا يجد إلى التفصى عنه سبيلا (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) سوف لتأكيد مضمون الجملة والعلم عرفانى ومن إما استفهامية معلقة لفعل العلم محلها الرفع على الابتداء وتكون باسمها وخبرها خبر لها وهى مع خبرها فى محل نصب لسدها مسد مفعول تعلمون أى فسوف تعلمون أينا تكون له العاقبة الحسنى التى خلق الله تعالى هذه الدار لها وإما موصولة فمحلها النصب على أنها مفعول لتعلمون أى فسوف تعلمون الذى له عاقبة الدار وفيه مع الإنذار إنصاف فى المقال وتنبيه على كمال وثوق المنذر بأمره وقرىء بالياء لأن تأنيث العاقبة غير حقيقى (إِنَّهُ) أى الشأن (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) وضع الظلم موضع الكفر إيذانا بأن امتناع الفلاح يترتب على أى فرد كان من أفراد الظلم فما ظنك بالكفر الذى هو أعظم أفراده (وَجَعَلُوا) شروع فى تقبيح أحوالهم الفظيعة بحكاية أقوالهم وأفعالهم الشنيعة وهم مشركو العرب كانوا يعينون أشياء من حرث ونتاج لله تعالى وأشياء منهما لآلهتهم فإذا رأوا ما جعلوه لله تعالى زاكيا ناميا يزيد فى نفسه خيرا رجعوا فجعلوه لآلهتهم وإذا زكا ما جعلوه لآلهتهم تركوه معتلين بأن الله تعالى غنى وما ذاك إلا لحب آلهتهم وإيثارهم لها والجعل إما متعد إلى واحد فالجاران فى قوله تعالى