(وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٤٤)
____________________________________
وقرىء اثنان على الابتداء والضأن اسم جنس كالإبل وجمعه ضئين كأمير أو جمع ضائن كتاجر وتجر وقرىء بفتح الهمزة (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) عطف على مثله شريك له فى حكمه أى وأنشأ من المعز زوجين* التيس والعنز وقرىء بفتح العين وهو جمع ما عز كصاحب وصحب وحارس وحرس وقرىء ومن المعزى وهذه الأزواج الأربعة تفصيل للفرش ولعل تقديمها فى التفصيل مع تأخر أصلها فى الإجمال لكون هذين النوعين عرضة للأكل الذى هو معظم ما يتعلق به الحل والحرمة وهو السر فى الاقتصار على الأمر به فى قوله تعالى (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) من غير تعرض للانتفاع بالحمل والركوب وغير ذلك مما حرموه فى السائبة وأخواتها (قُلْ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إثر تفصيل أنواع الأنعام التى* أنشأها أى قل تبكيتا لهم وإظهارا لانقطاعهم عن الجواب (آلذَّكَرَيْنِ) من ذينك النوعين وهما الكبش* والتيس (حَرَّمَ) أى الله عزوجل كما تزعمون أنه هو المحرم (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) وهما النعجة والعنز ونصب* آلذكرين والأنثيين بحرم وهو مؤخر عنهما بحسب المعنى وإن توسط بينهما صورة وكذا قوله تعالى (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) أى أم ما حملت إناث النوعين حرم ذكرا كان أو أنثى وقوله تعالى (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) الخ تكرير للإلزام وتثنية للتبكيت والإفحام أى أخبرونى بأمر معلوم من جهة الله تعالى من الكتاب أو أخبار الأنبياء يدل على أنه تعالى حرم شيئا مما ذكر أو نيئونى تنبئة ملتبسة بعلم صادرة عنه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أى فى دعوى التحريم عليه سبحانه وقوله تعالى (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) عطف على قوله تعالى (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) أى وأنشأ من الإبل اثنين هما الجمل والناقة (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى (قُلْ) إفحاما* لهم فى أمر هذين النوعين أيضا (آلذَّكَرَيْنِ) منهما (حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) * من ذينك النوعين والمعنى إنكار أن الله سبحانه حرم عليهم شيئا من الأنواع الأربعة وإظهار كذبهم فى ذلك وتفصيل ما ذكر من الذكور والإناث وما فى بطونها للمبالغة فى الرد عليهم بإيراد الإنكار على كل مادة من مواد افترائهم فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة وإناثها تارة وأولادها كيفما كانت تارة أخرى مسندين ذلك كله إلى الله سبحانه وإنما عقب تفصيل كل واحد من نوعى الصغار ونوعى الكبار بما ذكر من الأمر بالاستفهام والإنكار مع حصول التبكيت بإيراد الأمر عقيب تفصيل الأنواع الأربعة بأن يقال قل آلذكور حرم أم الإناث أم ما اشتملت عليه أرحام الاناث لما فى التثنية والتكرير من المبالغة فى التبكيت والإلزام وقوله تعالى (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) تكرير للإفحام كقوله تعالى (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) وأم منقطعة ومعنى الهمزة الإنكار والتوبيخ ومعنى بل الإضراب عن التوبيخ بما ذكر إلى التوبيخ بوجه