(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) (٥٩)
____________________________________
اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) أوثر الإظهار على أن يقال ومن يتولهم رعاية لما مر من نكتة بيان أصالته تعالى فى الولاية كما ينبىء عنه قوله تعالى (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) حيث أضيف الحزب إليه تعالى خاصة* وهو أيضا من باب وضع الظاهر موضع الضمير العائد إلى من أى فإنهم الغالبون لكنهم جعلوا حزب الله تعالى تعظيما لهم وإثباتا لغلبتهم بالطريق البرهانى كأنه قيل ومن يتول هؤلاء فإنهم حزب الله وحزب الله هم الغالبون (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً) روى أن رفاعة بن زيد وسويد بن الحرث أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المؤمنين يوادونهما فنهوا عن موالاتهما ورتب النهى على وصف يعمهما وغيرهما تعميما للحكم وتنبيها على العلة وإيذانا بأن من هذا شأنه جدير بالمعاداة فكيف بالموالاة (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) بيان للمستهزئين والتعرض لعنوان إيتاء الكتاب لبيان* كمال شناعتهم وغاية ضلالتهم لما أن إيتاء الكتاب وازع لهم عن الاستهزاء بالدين المؤسس على الكتاب المصدق لكتابهم (وَالْكُفَّارَ) أى المشركين خصوا به لتضاعف كفرهم وهو عطف على الموصول الأول ففيه إشعار* بأنهم ليسوا بمستهزئين كما ينبىء عنه تخصيص الخطاب بأهل الكتاب فى قوله تعالى (يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) الآية وقرىء بالجر عطفا على الموصول الأخير ويعضده قراءة أبى ومن الكفار وقراءة عبد الله ومن الذين أشركوا فهم أيضا من جملة المستهزئين (أَوْلِياءَ) وجانبوهم كل المجانبة (وَاتَّقُوا اللهَ) فى ذلك بترك* موالاتهم أو بترك المناهى على الإطلاق فيدخل فيه ترك موالاتهم دخولا أوليا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أى* حقا فإن قضية الإيمان توجب الاتقاء لا محالة (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها) أى الصلاة أو المناداة ففيه دلالة على شرعية الأذان (هُزُواً وَلَعِباً) بيان لاستهزائهم بحكم خاص من أحكام الدين بعد بيان* استهزائهم بالدين على الإطلاق إظهارا لكمال شقاوتهم. روى أن نصرانيا بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدا رسول الله يقول أحرق الله الكاذب فدخل خادمه ذات ليلة بنار وأهله نيام فتطايرت منه شرارة فى البيت فأحرقته وأهله جميعا (ذلِكَ) أى الاستهزاء المذكور (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم* (قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) فإن السفه يؤدى إلى الجهل بمحاسن الحق والهزؤ به ولو كان لهم عقل فى الجملة لما* اجترءوا على تلك العظيمة (قُلْ) أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بطريق تلوين الخطاب بعد نهى المؤمنين عن تولى المستهزئين بأن يخاطبهم ويبين أن الدين منزه هما يصحح صدور ما صدر عنهم من الاستهزاء ويظهر