وهداية لمن أنصف من نفسه وانقاد لإلزام الحجّة ، ولم يَحْرِ تَحيُّر [ اً ] عانِداً عن المحجّة (٥).
فأَوْلى الأُمور وأهمّها : عرضُ الجواهر على منتقدها ، والمعاني على السريع إلى إدراكها ، الغائص بثاقب فطنته إلى أعماقها ، فطالما أخرسَ عن علمٍ ، وأسكَتَ عن حجّةٍ ، عَدَمُ من يُعرضُ عليه ، وفَقْدُ من تُهدى إليه ، وما متكلِّف (٦) نظماً أو نثراً عند من لا يميّز بين السابق واللاحق (٧) والمُجَلِّي والمُصَلِّي (٨) إلا كمن خاطب جماداً أو حاور مواتاً (٩).
وأرى مِن سَبْقِ هذه الحضره العالية ـ أدام الله أيامها ـ إلى أبكار المعاني ، واستخراجها من غوامضها ، وتصفيتها من شوائبها ، وترتيبها في أماكنها ، ما ينتج (١٠) الأفكار العقيمة ، ويذكي (١١) القلوب البليدة ، ويُحَلِّّي
__________________
(٥) ما أثبتناه هو الأنسب معنىً ، ويمكن أن تقرأ العبارة هكذا :
« ولم يَحْرِ تحيّر عاندٍ عن المحجّة ».
وكان في « أ » : « ولم يجز بخبر عامداً ... ».
وفي « ب » : « ولم نحر نحير عامداً ... ».
وعَنَدَ يَعْنِدُ ـ بالكسر ـ عُنُوداً ، أي : خالَفَ ورَدَّ الحقّ وهو يعرفه ، فهو عَنِيدٌ وعانِدٌ. ( الصحاح ٢ / ٥١٣ ـ عند ).
(٦) من هنا تبدأ نسخة « ج ».
(٧) السابقِ : هو الذي يسبق من الخيل ( لسان العرب ١٠ / ١٥١ ـ سبق ).
اللاحِق : الفرس إذا ضُمّرت ( لسان العرب ١٠ / ٣٢٨ ـ لحق ).
(٨) المُجَلِّّي : السابق الأول من الخيل. والمُصَلِّّي : السابق الثاني منها ( لسان العرب ١٤ / ٤٦٧ ـ صلا ).
(٩) في « ب » : جاور مواتاً.
(١٠) في « ب » : سنح. وسَنَحَ لي رأيٌ في كذا : عرضَ لي أو تَيَسَّر. ( الصحاح ١ / ٣٧٧ ، لسان العرب ٢ / ٤٩١ ـ سنح ).
(١١) في « أ » و « ب » : يزكّي.