لا إمام في الزمان ، مع تجويزك أن يكون للغَيْبة سبب لا ينافي وجود الإمام ؟!
وهل تجري في ذلك إلاّ مجرى مَنْ توصّل بإيلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع تعالى ، وهو معترف بأنّه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة.
أو مجرى مَنْ توصّل بظواهر الآيات المتشابهات إلى أنّه تعالى مُشْبِه (٥٥) للأجسام ، وخالق لأفعال العباد ، مع تجويزه أن يكون لهذه الآيات وجوه صحيحة لا تنافي العدل ، والتوحيد ، ونفي التشبيه.
وإن قال : لا أُجوِّز أن يكون للغَيْبة سبب صحيح موافق للحكمة ، وكيف أُجوِّز ذلك وأنا أجعلُ الغَيْبة دليلاً على نفي الإمام الذي تدّعون غَيْبته ؟!
قلنا : هذا تحجّر منك شديد ، فيما لا يحاط بعلمه ولا يقطع على مثله.
فمن أين قلتَ : إنّه لا يجوز أن يكون للغَيْبة سبب صحيح يقتضيها ؟!
ومَنْ هذا الذي يحيط علماً بجميع الأسباب والأغراض حتى يقطع على انتفائها ؟!
وما الفرق بينك وبين من قال : لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجوه صحيحة تطابق أدلّة العقل ، ولا بُدّ من أن تكون على ما اقتضته ظواهرها ؟!
__________________
(٥٥) في « ب » : مشابه.