وهذا ممّا (٩٥) المعلوم أنّ الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.
قالوا : ولا فائدة في ظهوره سرّاً لبعض أوليائه ؛ لأنّ النفع المبتغى من تدبير الأئمّة لا يتمّ إلا بالظهور للكلّ ونفوذ الأمر ، فقد صارت العلّة في استتار الإمام وفقد ظهوره ـ على الوجه الذي هو لطفُ ومصلحةٌ للجميع ـ واحدةٌ.
وهذا أيضاً جواب غير مَرْضيّ :
لأنّ الأعداء إن كانوا حالوا بينه و بين الظهور على وجه التصرّف والتدبير ، فلم يحولوا بينه وبين مَنْ شاء من أوليائه على جهة الاستتار.
وكيف لا يَنْتَفع به مَنْ يلقاه من أوليائه على سبيل الاختصاص ، وهو يعتقد طاعته وفرض أتّباع أوامره ، ويحكّمه في نفسه ؟!
وإنْ كان لا يقع هذا اللقاء لأجل اختصاصه ؛ ولأنّ الإمام معه غير نافذ الأمر في الكلّ ، ولا مفوَّض إليه تدبير الجميع ، فهذا تصريحٌ بأنّه لا انتفاع للشيعة الإماميّة بلقاء أئمّتها من لدن وفاة أميرالمؤمنين عليهالسلام إلى أيّام الحسن بن عليّ أبي القائم عليهمالسلام ، للعلّة التي ذكرت.
ويوجب ـ أيضاً ـ أنّ أولياء أميرالمؤمنين عليهالسلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلى تدبيره وحصوله في يده.
وهذا بلوغ ـ من قائله ـ إلى حدّ لا يبلغه متأمّل.
على أنّه : إذا سلّم لهم ما ذكروهـ من أنّ الانتفاع بالإمام لا يكون إلاّ مع ظهوره لجميع الرعيّة ، ونفوذ أمره فيهم ـ بطل قولهم من وجه آخر ،
__________________
(٩٥) كذا في « أ » و « ج » و « الغَيْبة » للطوسي ـ ص ٩٨ ـ.