من علم أن زيدا سيدخل البلد (٦) غدا. ثم انه جلس فى بيت مظلم لا يميز فيه بين الليل والنهار. وبقى مستديما لذلك العلم ، حتى جاء الغد (٧) ودخل «زيد» البلد. فههنا هذا الشخص بمجرد علمه بأن زيدا سيدخل البلد غدا ، لا يصير عالما بأنه دخل الآن فى البلد. فثبت بهذا : أن العلم بأن الشيء سيوجد غدا ، لا يكون نفس العلم بوجوده اذا وجد.
بلى. من علم أن زيدا سيدخل البلد غدا ، ثم علم حصول الغد. فحينئذ يتولد من هذين العلمين علم ثالث. وهو العلم بأن زيدا دخل البلد الآن.
الحجة الرابعة : ان العلم بالشيء صورة مطابقة لذلك الشيء ولا شك أن حقيقة أنه سيقع بعد ذلك ـ وهو الآن غير واقع ـ مغايرة لحقيقة انه واقع فى الحال وحاصل. واذا اختلفت المعلومات (٨) وجب اختلاف العلمين.
الحجة الخامسة : وهو أنه يمكننا أن نعلم كونه عالما بأن الشيء الفلانى سيقع غدا ، حال ما نجهل كونه عالما بوقوعه حال وقوعه. ولما حصل العلم بأحد هذين العلمين حال ما حصل الشك فى حصول العلم الآخر ، علمنا تغاير العلم.
واعلم : أن «أبا الحسين البصرى» كما أبطل بهذه الدلائل قول المشايخ ، التزم وقوع التغير فى علم الله تعالى بالجزئيات المتغيرة. فقال : «الموجب لكونه تعالى عالما بالمعلومات هو ذاته ، لكن شرط هذا الايجاب : حضور تلك المعلومات. فاذا حصل المعلوم واقعا على وجه معين ، حصل شرط كونه الذات. موجبة للعلم بوقوع ذلك الشيء
__________________
(٦) الدار : ب
(٧) النهار : ب
(٨) اختلف المعلومات : ب