على ذلك الوجه ، فيحصل ذلك العلم. واذا عدم وقوع ذلك المعلوم على هذا الوجه زال شرط الايجاب. ولا جرم يزول ذلك العلم ، ويحدث علم آخر بوقوع ذلك المعلوم على الوجه الثانى».
فهذا مذهبه فى هذا الباب. الا أنه يتوجه عليه سؤالان صعبان :
السؤال الأول : انه تعالى قبل أن خلق العالم كان عالما بأنه سيخلقه ، فاذا خلق العالم فهل زال العلم الأول أو لم يزل؟ فان لم يزل كان عالما بأنه سيخلقه الآن ، مع أنه فى نفسه مخلوق. وذلك محال. وأما ان زال العلم الأول ، فذلك العلم الّذي زال ، كان قديما أو حادثا؟ فان كان قديما كان هذا قولا بجواز عدم القديم. وحينئذ يبطل دليله على حدوث الأجسام لأن مبنى ذلك على أن عدم القديم لا يجوز. وأما ان كان ذلك العلم محدثا. فهذا العلم المحدث. هل كان مسبوقا بعلم آخر لا الى أول ، أو لم يكن كذلك؟ فان كان الأول. كان هذا قول بحوادث لا أول لها. وهذا يبطل عليه دليل حدوث الأجسام. وأما ان انتهت هذه العلوم الى علم محدث غير مسبوق بعلم آخر ، كان هذا قولا بأنه تعالى ما كان فى الأزل عالما بأحوال هذه التغيرات ، فيكون هذا جهلا مطلقا لله تعالى. وذلك باطل قطعا.
السؤال الثانى : وهو أن الفلاسفة أقاموا البرهان المطلق على امتناع وقوع التغيرات فى ذات الله تعالى وفى صفاته. فقالوا : كل صفة يفرض ثبوتها فذات الله تعالى من حيث هى هى ، اما أن تكون كافية فى ثبوتها ، أو كافية فى انتفائها ، أو لا تكون كافية لا فى ثبوتها. ولا فى انتفائها. فان كانت ذاته سبحانه كافية فى ثبوتها ، وجب ثبوتها للذات وأبدا. حتى تكون تلك الصفة دائمة الثبوت بدوام ذاته. وان كانت ذاته سبحانه وتعالى كافية فى انتفائها ، وجب انتفاؤها عن الذات أزلا وأبدا ، حتى تكون دائمة الانتفاء بدوام