ذاته. وأما القسم الثالث ، وهو أن يقال : ان ذاته سبحانه غير كافية فى ثبوت تلك الصفة ولا فى انتفائها ، فعلى هذا التقدير يكون ثبوت تلك الصفة وعدمها ، موقوفين على ثبوت شيء منفصل ، وعلى عدمه.
فنقول : ذات الله تعالى لا تنفك عن ثبوت هذه الصفة ، وعن عدمها. وثبوت هذه الصفة وعدمها موقوفان على ثبوت ذلك الشيء المنفصل وعدمه. والموقوف على الموقوف على الغير ، موقوف على الغير فذات الله تعالى مفتقرة فى تحققها الى الغير. والمفتقر فى تحققه الى الغير ممكن لذاته ، فيلزم أن يكون واجب الوجوب لذاته ، ممكن الوجود لذاته. وذلك محال. فثبت : أن التغير فى صفات الله تعالى محال. فهذا حاصل هذه المباحث فى هذا الباب.
وللفريق الثانى (٩) أن يقولوا : ما ذكرتم من الدليل المانع من التغير ، انما يجرى فى الصفات الحقيقية. أما الصفات الاضافية فلا يمكن منع التغير فيها. وكيف لا نقول هذا ، واذا وجد حادث فان الله تعالى يكون معه. فاذا فنى ذلك الحادث ، بطلت تلك المعية؟ وهذا يقتضي وقوع التغير فى الاضافات. واذا ثبت هذا فنقول : هذه التعلقات من باب النسب والاضافات. واذا كان الأمر كذلك ، لم يمتنع وقوع التغيرات فيها.
النوع الرابع من المخالفين : الذين قالوا : انه تعالى فى الأزل كان عالما بحقائق الأشياء وماهياتها ، وأما العلم بالأشخاص والأحوال ، فذلك انما يحصل عند حدوث تلك الأشخاص. وهذا مذهب «هشام
__________________
(٩) وللفريق الأول : ب